ذو الحجة: لماذا فضله الله على سائر الشهور؟

  • تاريخ النشر: الأحد، 11 يوليو 2021 آخر تحديث: الأحد، 16 يونيو 2024
ذو الحجة: لماذا فضله الله على سائر الشهور؟

تصدر شهر ذو الحجة مؤشر البحث على محرك جوجل، إذ يبحث الكثيرون عن سبب تفضيل شهر ذي الحجة عن سائر الشهور، وكيفية اغتنام فضل العشر الأوائل من ذي الحجة؟، وهو ما سنجيب عليه خلال السطور التالية من واقع ما توصل إليه علماء الدين.

فضل شهر ذو الحجة:

شهرُ ذي الحجة شهر مبارك من أشهرِ الله الحُرُم، فيه يوم عرفة خير أيام الدنيا، وهو محل شعيرة عظيمة من أعظم شعائر الإسلامِ ألا وهي شعيرةُ الحجّ، وللعمل الصالح فيه فضل عظيم.

واستقبلت الأمة الإسلامية هلال شهر ذي الحجة أمس الأحد 11 يوليو 2021، وقد كان من هدي رسول الله ﷺ استقبال هلال شهر ذو الحجة بالتضرع والدعاء.

وشهر ذو الحجة هو الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري، وهو أحد الأشهر الحرم التي نهىٰ اللهُ عن الظلم فيها تشريفًا لها، وهو الشهر الذى تؤدىٰ فيه فريضة الحج.

لماذا فضل الله شهر ذو الحجة على سائر الشهور؟

يشتمل شهر ذو الحجة علىٰ أفضل الأيام؛ فالأيام العشرة الأولىٰ أفضلُ أيام السنة، وهو أحد أسباب تفضيل شهر ذي الحجة عن سائر الشهور، إذ تجتمع في هذه الأيام العشر أمهات العبادات فيها، وهي: الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، ولا يأتي ذلك في غيرها من أيام السنة؛ فقد أقسم اللهُ تعالىٰ بهذه الليالي فقال تعالى في مطلع سورة الفجر: {وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ}.

وورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَىٰ اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».

وأوضح مركز الأزهر الشريف بمصر للفتاوى الإلكتروني، أن أيام شهر ذو الحجة هي الأيام المعلومات المقصودة في الآية الكريمة: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...} [الحج: 28]؛ فهي أيام شهر ذي الحجة.

وأوضح مركز الأزهر المصري أن أيام عشر ذي الحجة هيي أيام فاضلة أقسم الله بها عز وجل فقال: {وَالْفَجْرِ ۝ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، وأخبرنا سيدنا رسول الله ﷺ عن فضل العمل الصالح فيها، فقال: «ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه» -يعني عشر ذي الحجة- قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: «ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ». 

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فضل أيام عشر ذي الحجة: «والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة، لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره».

ومما ورد في سبب تفصيل أيام عشر ذي الحجة، ما ذكره ابن رجب، في لطائف المعارف: «لما كان الله سبحانه وتعالى قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنينا إلى مشاهدة بيته الحرام، وجعل الأفئدة تهوي إليه، وليس كل أحد قادرا على مشاهدته كل عام، فرض الله سبحانه وتعالى على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره".

واستكمل ابن رجب في كتابه لطائف المعارف:"وجعل الله موسم العشر مشتركا بين السائرين والقاعدين فمن عجز عن الحج في عام قدر - أي في العشر - على عمل يعمله في بيته فيكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج".

كيفية اغتنام فضل عشر ذي الحجة؟

ويكون اغتنام هذه الأيام المباركة من شهر ذو الحجة بشغل أوقاتها بالطاعات والعبادات، مثل:

- ذكر الله: 

ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يمكن التقرب بها إلى الله عز وجل في أيام عشر ذي الحجة، هي الإكثار من ذكر الله تعالى، كما ورد في الآية 28 من سورة الحج قوله تعالى :"وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ".

وقد وردنا عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله :"قال رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه سبحانه: «أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». 

وروي عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : «ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التكبير، والتهليل، والتحميد».

وأما عن صفة التكبير والتهليل، فقد ورد فيها صفات متعددة، ومنها أنهم كانوا يقولون "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وعن بعضهم: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً".

التوبة والاستغفار:

قال رسول الله ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ». 

صيام تسع ذي الحجة:

فعن بعض أزواج النبي ﷺ رضي الله عن الجميع قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ». 

وقال الرسول ﷺ عن صيام يوم عرفة يوم التاسع من ذي الحجة: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ».

وورد عن أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة".

السعي إلى صلاة الفريضة في المسجد:

قال رسول الله ﷺ: «مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ ورَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ له نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّما غَدَا أوْ رَاحَ». 

تلاوة القرآن:

قال الرسول ﷺ: «مَنْ قرأَ حَرفًا مِن كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ: آلم حرفٌ؛ ولَكِن: ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ». 

فمن العبادات المفضلة طوال أيام العام ويزداد فضلها في هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، تلاوة القرآن الكريم، وقال الله تعالى في كتابه الكريم :"إِنّ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصّلاَةَ وَأَنْفَقُوا مِمّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لنْ تَبُورَ * لِيُوَفّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِن فَضْلِهِ، إِنّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ".

الدعاء:

قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا» قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ».

وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم، كما ورد في حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن "خير الدعاء دعاء يوم عرفة"، لذا يوصي علماء الدين بأن يحرص المسلمون على الإكثار مِن الدعاء في أيام العشر الأوائل من ذي الحجة ولاسيما في يوم عرفة. 

وفي الموطأ عن طلحن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له".

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة