يعد عالم الاقتصاد الأمريكي من أصول تركية دارون عجم أوغلو من أبرز الأسماء في فهم الاقتصاد السياسي والتنمية الاقتصادية، وقد اشتهر بفضل أبحاثه الرائدة التي تركز على دور المؤسسات السياسية والاقتصادية في تحديد مستويات النمو والازدهار في الدول، في السطور التالية نسلط الضوء على مسيرته وأهم إنجازاته.
من هو دارون عجم أوغلو؟
هو عالم اقتصادي أمريكي من أصول تركية، ولد في 3 سبتمبر عام 1967 في إسطنبول بتركيا، ويعد واحد من أشهر علماء الاقتصاد في العالم.
بدأ دارون مسيرته الأكاديمية في جامعة يورك في المملكة المتحدة، ثم انتقل لإكمال دراسته العليا في كلية لندن للاقتصاد، وبعدها انضم إلى هيئة التدريس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، وأصبح أستاذًا للاقتصاد.
اشتهر عجم أوغلو بفضل دراساته العميقة حول العلاقة بين المؤسسات الاقتصادية والسياسية والتنمية الاقتصادية، ومن خلال تلك الدراسات أثبت أن المؤسسات الشفافة والديمقراطية تعزز من النمو والازدهار في الدول، وعلى النقيض تؤدي المؤسسات الاستبدادية والفاسدة إلى تخلفها الاقتصادي.
خلال مسيرته، حصل عجم أوغلو على العديد من الجوائز والتكريمات، بفضل إسهاماته في الاقتصاد، كما ألف العديد من الكتب، ونشر الكثير من الأبحاث في مجالات التنمية الاقتصادية، والفقر العالمي، والتفاوت الاجتماعي.
نشأته وتعليمه
ولد دارون عجم أوغلو في إسطنبول لأبوين من أصول أرمينية، وقد كان والده يعمل محاميًا تجاريًا ومحاضرًا في جامعة إسطنبول، أما والدته إيرما، فقد كانت مديرة مدرسة أرمينية في منطقة كاديكوي في إسطنبول.
درس عجم أوغلو في مدرسة جالاتاسراي الثانوية، وتخرج فيه عام 1986، وخلال دراسته، أصبح مهتمًا بالسياسة والاقتصاد، لذا سافر إلى إنجلترا، والتحق بجامعة يورك، حيث درس الاقتصاد، وحصل على بكالوريوس في الاقتصاد عام 1990.
واصل بعدها دراسته، وحصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد في كلية لندن الاقتصادية، وقد كانت أطروحته حول "مقالات في الأسس الجزيئة للاقتصاد الكلي: العقود والأداء الاقتصادي"، وكان يبلغ من العمر 25 عامًا فقط، لذا منحه العالم الأمريكي أرنولد كلينج لقب "الطفل المعجزة".
حصل عجم أوغلو على إشادة كبيرة من الأستاذة في الجامعة الذين أشرفوا على أطروحته، فقد قال البروفيسور والخبير الاقتصادي البريطاني جيمس مالكومسون أن أضعف الفصل الدراية التي قدمها عجم أوغلو كافية لمنحه درجة الدكتوراه.
حصل عجم أوغلو على الجنسية الأمريكية، ويجيد اللغتين التركية والإنجليزية، كما أنه يتحدث القليل من الأرمنية.
زوجته وعائلته
تزوج العالم دارون عجم مأوغلو من الأكاديمية التركية أسومان أزداغلار، وهي أستاذة الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ووالدها هو إسماعيل أزداغلار، الذي كان وزيرًا سابقًا في الحكومة التركية.
لدى دارون من زوجته طفلان، وهما أردا وأراس، ويعيشان معهًا في نيوتن في ماساتشوستس.
مسيرته الأكاديمية
بدأ دارون عجم أوغلو مسيرته الأكاديمية بعد الحصول على درجة الدكتوراه عام 1992، حيث أصبح محاضرا في كلية لندن للاقتصاد لمدة عام، ثم سافر إلى الولايات المتحدة، وأصبح أستاذَا مساعدًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
في عام 2000، أصبح أستاذًا للاقتصاد في المعهد، كما شغل منصب أستاذ الاقتصاد التطبيقي من عام 2004، إلى عام 2010، ثم تم تعيينه أستاذ الاقتصاد إليزابيث وجيمس كيليان في المعهد، وفي عام 2019، تم تعيينه أستاذَا في المعهد، وقد كان أعلى وسام شرف لأعضاء هيئة التدريس في المعهد.
خلال مسيرته الأكاديمية، أشرف عجم أوغلو على الكثير من رسائل الدكتوراه، ومن بين الطلاب الذين درسوا معه الخبير الاقتصادي روبرت سيمر، ومارك أجويار، وبول أنتراس، وجابرييل كارول.
شارك عجم أوغلو في أبحاث مشتركة في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، وقد تم انتخابه زميلًا في الجمعية الاقتصادية القياسية عام 2005. شغل كذلك عضوية عدد من الأكاديمية العلمية، منها أكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للعلوم.
عجم أولو هو زميل في المعهد الكندي للبحوث المتقدمة، كما نشر مقالات علمية في مجلات، منها مجلة "إيكونومتريكا" في الفترة من عام 2011 إلى عام 2015، كما نشر مئات الأبحاث في الأوساط الأكاديمية.
مؤلفات دارون عجم أوغلو
ألف العالم دارون عجم أوغلو العديد من الكتب في الاقتصاد، وقد تعاون في أبحاثه ومؤلفاته بشكل خاص مع العالم الأمريكي البريطاني جيمس أ. روبنسون، والتي أثمرت علاقتهما على العديد من المقالات والكتب التي تدور معظمها حول النمو التنمية الاقتصادية.
من المؤلفات التي تعاون فيها مع روبنسون كتاب "الأصول الاقتصادية للدكتاتورية والديمقراطية" عام 2006، وقد نشر الكتاب دار نشر جامعة كامبيرج. يهتم الكتاب بتحليل عملية إنشاء المجتمعات الديمقراطية وتعزيزها، ويدافع الكتاب عن أن الديمقراطية تصبح أقوى عندما لا يكون لدى النخب حافز قوي للإطاحة بها.
وقد أكد الكتب أن هذا الأمر يعتمد على عدة عوامل، منها قوة المجتمع المدني، وبنية المؤسسات السياسية، وطبيعة الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجهها الدولة، وبنية الاقتصاد، وشكل العولمة، ومستوى التفاوت الاقتصادي.
حقق الكتاب نجاحًا كبيرًا، ووصف بأنه أحد أهم المساهمات حول اقتصاد الديمقراطية، ووصفه العديد من علماء الاقتصاد بأنه "مساهمة بالغة الأهمية" في هذا المجال.
من الكتب الأخرى التي أصدرها عجم أوغلو كتاب "لماذا تفشل الأمم" وتعاون في كتاباته مع روبنسون، وصدر عام 2012، وقد زعم الكتاب بأن النمو الاقتصادي في التكنولوجيا يتطلب الاستقرار السياسي، ولا يمكن أن يحدث الاستقرار بدون قيود مؤسسة على منح حقوق الاحتكار.
وقد زعم الكتاب أن الثورة الصناعية بدأت في بريطانيا؛ لأن قانون الحقوق الإنجليزي خلق مثل هذه القيود، كما يصر الكتاب على أن الاختلافات في التنمية بين البلدان ترجع بسبب الاختلافات في المؤسسات السياسية والاقتصادية. نوقش الكتاب على نطاق واسع من قبل السياسيين والاقتصاديين، وقد تلقى الكتاب إشادة كبيرة من العلماء.
في عام 2019، نشر الاثنان كتاب "الممر الضيق: الدول والمجتمعات ومصير الحرية"، ويزعمان في الكتاب بأن المجتمع الحر يمكنه أن يحقق تطورًا في قوة الدولة والمجتمع.
في عام 2023 نشرا كتاب "القوة والتقدم: صراعنا الذي دام ألف عام حول التكنولجيا والازدهاء"، وتناول الكتاب التطور التاريخي للتكنولوجيا، والعواقب الاجتماعية والسياسية له، وتناول الكتاب 3 محاور أساسية، وهي العلاقة بين الآلات وتقنيات الإنتاج والأجور، والطريقة التي يمكن بها تسخير التكنولوجيا للسلع الاجتماعي، وسبب الحماس بشأن الذكاء الاصطناعي.
يكتب الكتاب وجهة نظر انتقادية حول الذكاء الاصطناعي، وركز على تأثيره السلبي على الأجور والوظائف، وفي المقابل، قدم العالمان رؤية حول كيفية استغلال التقنيات الجديدة لتحقيق فوائد مجتمعية، كما قدما نماذج ومقترحات سياسية لإعادة توجيه التكنولوجيا بشكل مفيد.
أبحاث ودراسات
بجانب الكتب التي ألفها، نشر دارون عجم أوغلو العديد من المقالات في مجال الاقتصاد، ومنها مقالة نشرت عام 2001 زعم عجم أوغلو أن قوانين الحد الأدنى للأجور وإعانات البطالة قد تعمل على تحسين الرفاهية، كما أنها قد تزيد من تدريب العمال وبالتالي حث الشركات على تدريب موظفيها غير المهرة.
دافع عجم أوغلو بشكل كبير عن الديمقراطية وتأثيرها الإيجابي على الناتج المحلي الإجمالي، حيث رأى أن التحولات الديمقراطية تزيد من نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 20% على المدى البعيد.
درس عجم أوغلو أيضًا دور المؤسسات الاقتصادية والسياسية في الأزمات المالية والاقتصادية، مثل أزمة عام 2008. يناقش كيف أن ضعف المؤسسات الرقابية والتنظيمية يمكن أن يؤدي إلى حدوث الأزمات الاقتصادية.
أصبحت أبحاث عجم أوغلو مرجعًا هامًا في عالم الاقتصاد السياسي، وقد استخدمت على نطاق واسع من قبل الأكاديميين، والمحللين الاقتصاديين، لفهم كيفية تأثير المؤسسات والسياسات على التنمية الاقتصادية.
جوائز وتكريمات
حصل دارون عجم أوغلو على العديد من الجوائز، منها ميدالية جون بيتس كلارك، وجائزة دون فون نيومان، وجائزة إروين بلين نيمرز في الاقتصاد، وجائزة جان جاك لافونت، وجائزة الاقتصاد العالمي. حصل أيضًا على الجائزة الكبرى للثقافة والفنون الرئاسية في العلوم الاجتماعية من الرئيس التركي السابق عبدالله جول عام 2013.
حصل على العديد من الدرجات الفخرية في جامعات من حول العالم، مثل أوتريخت، والبسفور، وأثينا، وباث، وكولية للندن للأعمال، وجامعة جلاسكو، كما أنه زميل في مؤسسة كارنيجي.
جائزة نوبل في الاقتصاد
حصل العالم التركي دارون عجم أوغلو على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2024، بالاشتراك مع زميليه سيمون جونسون، وجيمس أ. روبنسون، وذلك بفضل دراساتهم حول كيفية تشكيل المؤسسات وتأثيرها على الرخاء، وتقدر قيمة الجائزة 11 مليون كرونة سويدية، أي حوالي 1.1 مليون دولار.
وقد نشرت الأكاديمية بيانًا على حسابها على منصة إكس، ذكرت فيه أهمية البحث الذي قدمه العلماء الثلاث، وقالت إن البحث يحاول معرفة سبب الفجوة الاقتصادية والتفاوت المستمر بين المجتمعات الغنية والفقيرة، وأرجعوا ذلك إلى الاختلافات في المؤسسات السياسية والاقتصادية داخل المجتمعات.