خليفة المبارك.. السفير الشهيد صاحب الدور الدبلوماسي الهام

شغل السياسي الإماراتي خليفة المبارك مناصب عدة في الدولة، فقد كان سفيرًا لبلده الإمارات في العديد من الدول وآخرها فرنسا وكان من بين أصغر السفراء الذين تم تعيينهم، ورغم حياته المهنية القصيرة إلا أنه تمكن من تحقيق العديد من الإنجازات ولم يتمكن من إكمال مشوار نجاحه بسبب وفاته في حادثة اغتيال، تعرف أكثر عن حياته وإنجازاته في هذا المقال.

من هو خليفة المبارك؟

خليفة أحمد بن عبد العزيز المبارك هو سفير إماراتي سابق ولد في عام 1947، وهو يعد من أصغر السفراء الذين تم تعيينهم في الإمارات، وشغل العديد من المناصب الهامة.

كان المبارك من الرعيل الأول للدبلوماسية الإماراتية واستطاع خلال فترة قصيرة تقديم الكثير لخدمة وطنه ورفع شأنها في العالم، ومن أجل الحفاظ على هوية وتراث الإمارات، وكان له دور بارز في تطوير العمل الدبلوماسي.

كان للراحل إسهامات هامة في تطوير العلاقات بين الإمارات وفرنسا، وقد تولى مهام دبلوماسية في فترة كانت الأوضاع السياسية صعبة ولكنه كان على قدر المسؤولية والكفاءة.

استطاع الراحل أن يترك بصمة هامة في كل مهمة تم تكليفه بها وقد ترقى بسرعة بسبب إخلاصه في العمل، وقد شارك العديد من المهمات الرسمية.

نشأته وتعليمه

ولد خليفة المبارك في إمارة دبي لعائلة من أهم العائلات في الإمارة، فوالده هو الشيخ أحمد بن عبد العزيز المبارك الذي كان له دور هام في تأسيس النظام القضائي في إمارة أبوظبي، كما شغل والده منصب رئيس دائرة القضاء الشرعي في الإمارة.

أما جده فقد كان له دور بارز في تطوير نظام التعليم في الإمارات، وهو من أسس أول مدرسة في الدولة في إمارة دبي. كانت لهذه النشأة بين شخصيات عظيمة لها كبير الأثر على تربية وفكر الراحل.

تلقى الراحل تعليمه في لبنان فقد درس الفلسفة والاجتماع في جامعة بيروت وتخرج فيها ليبدأ مسيرته المهنية والدبلوماسية البارزة.

زوجته وأبناؤه

تزوج خليفة المبارك من سيدة إماراتية ولديه منها 4 أبناء، وقد شغل بعض أبنائه مناصب هامة في الدول ويعتبروا من أبرز رواد الأعمال في الإمارات العربية المتحدة.

ابنه خلدون خليفة المبارك هو الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب في شركة مبادلة للتنمية، كما أنه رئيس مجلس إدارة نادي مانشستر سيتي الإنجليزي.

أما ابنته رزان المبارك فهي رئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة IUCN وتعد من أهم وأبرز النماذج النسائية الرائدة في الإمارات ومن أهم الأسماء في مجال حماية البيئة، وقد عرفت بدورها البارز في تعزيز جهود الاستدامة وحماية التنوع البيولوجي محليًا وعالميًا.

ابنه الثالث هو محمد المبارك وهو الرئيس التنفيذي لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وابنته الرابعة هي رشا المبارك.

مسيرته المهنية

كان السفير خليفة المبارك من أصغر السفراء الإماراتيين الذين تم تعيينهم، فقد شغل الراحل العديد من المناصب الدبلوماسية البارزة ونجح سريعًا في الترقية بفضل إخلاصه في العمل.

في عام 1973 ترقى المبارك إلى منصب وزير مفوض، كما أصبح مندوبًا دائمًا لدولة الإمارات لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في باريس.

شغل المبارك أيضًا منصب سفير الإمارات في السودان عام 1973، ثم أصبح سفيرًا للدولة في سوريا عام 1976، وفي عام 1980 شغل منصب سفير الإمارات في فرنسا.

وخلال عمله في فرنسا شغل منصب نائب رئيس معهد العالم العربي في باريس الذي كان له دور بارز في تأسيسه وحصل على وسام جوقة الشرف بسبب هذا الإنجاز. ساهم الراحل في توطيد العلاقات بين الإمارات وفرنسا.

اغتيال خليفة المبارك

في الثامن من شهر فبراير عام 1984 وبينما كان متوجهًا إلى مقر عمله اغتيل السفير خليفة المبارك من أمام منزله وتوفي عن عمر 37 عامًا فقط، حيث اقترب منه رجل يحمل مسدسًا ويرتدي خوذة للوقاية وصوب تجاهه عدة رصاصات.

ووفقًا لصحف إماراتية فإن الشاهد الوحيد على هذه الحادثة المؤسفة هو السائق الخاص بالسفير في ذلك الوقت. وقد كشفت الصحف الخليجية أن منفذ العملية ينتمي إلى مجموعة أبو نضال التي اتخذت من العاصمة العراقية مقرًا لها، وأنه تم اغتياله لأنه لم يوجه لها الدعم المادي بعكس الجماعات الفلسطينية الأخرى.

تكريم خليفة المبارك

وقد تم تكريم الراحل خليفة المبارك في أكثر من مناسبة تقديرًا لجهوده البارزة في رفعة شأن بلاده وتوطيد العلاقات بينها وبين الدول الأخرى وخاصة دولة فرنسا. ومن جملة التكريمات إطلاق اسمه على أحد شوارع أبوظبي بالقرب من ديوان ولي عهد أبوظبي وذلك في عام 2014.

وقد تم تنظيم احتفالية خاصة بإطلاق اسم خليفة المبارك على أحد الشوارع في أبوظبي ورافقت الاحتفالية عزف موسيقى السلام الوطني، وحضر الاحتفالية سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية، وشارك فيها أيضًا عائلة الفقيد.

وشهد الاحتفالية أيضًا السفير أحمد الجرمن مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، كما حضر أيضًا شهاب الفهيم مدير إدارة المراسم بوزارة الخارجية وأحمد الهيدان مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية وعدد من المسؤولين.

وفي عام 2015 تم تدشين ناد دبلوماسي تابع لوزارة الخارجية الإماراتية وحمل النادي اسم الشهيد خليفة المبارك، وذلك تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.

وقد قال سموه خلال الافتتاح إن دولة الإمارات تسعى إلى إعلاء شأن مواطنيها حتى أولئك الذين رحلوا منذ سنوات، ولفت سموه إلى أن الراحل قد حمل رسالة الإمارات في الدول التي عمل فيها سفيرًا وكان له جهود مضنية في توثيق علاقات الإمارات مع تلك الدول.

وقد أعرب أبناء الراحل عن سعادتهم بهذا التكريم، وقال خلدون المبارك أن تكريم الوالد هي بادرة طيبة وعظيمة من الدولة وتعبر عما تكنه القيادة الحكيمة من تقدير وعرفان لأبنائها المخلصين.

وقال خلدون: "إن إطلاق اسم والدي على أحد مباني وزارة الخارجية رسالة إلى أن الإمارات لا تنسى أبناءها المخلصين الأوفياء وأننا نعيش مثالًا حيًا في تقدير قيادتنا لأبنائها".