يعد الروائي والأديب السوري حنا مينا من أساطين الرواية العربية وواحد من أشهر الكتاب العرب الذين اشتهروا بالأسلوب السردي السلس وميلهم إلى الواقعية في أعمالهم الأدبية. ركز مينا في مؤلفاته الأدبية على شخصيات واقعية متواجدة في بيئته الاجتماعية وقد اهتم بالصراع الطبقي في أعماله، في السطور التالية تعرف على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو حنا مينا؟
حنا بن سليم حنا مينا هو روائي وأديب سوري ولد في 9 مارس عام 1924 في مدينة اللاذقية السورية ويعد من أبرز الروائيين العرب والسوريين ومن أساطين الرواية العربية إلى جانب روائيين مشهورين مثل نجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وغيرهم.
ألف مينا طوال مسيرته الأدبية ما يزيد عن 35 رواية وعدد من الدراسات، وقد ركزت رواياته على القضايا الاجتماعية واهتم بالكتابة عن شخصيات موجودة في بيئتنا وواقعنا المعاش.
تحولت عدد من رواياته إلى أعمال فنية سورية ما بين مسلسلات وأفلام تحمل الاسم نفسه، ولعل أهمها مسلسل "نهاية رجل شجاع"، و"المصابيح الزرق".
انشغل مينا كروائي بالكتابة عن الصراع الطبقي، كما تخصص في الكتابة عن البحر،حيث كانت ثيمة البحر مصدر إلهام بالنسبة له انفرد بها وتميز فيها، كما كانت كل أحداث رواياته تقع بجانب البحر وهو المكان المحوري في أعماله الأدبية.
نشأته وتعليمه
نشأ الأديب السوري حنا مينا في مدينة اللاذقية في أسرة فقيرة غير متعلمة، والدته اسمها مريانا ميخائيل زكور كانت تحرص على تعليم ابنها معلومات دينية وكانت ترغب في إرسال ابنها الوحيد حنا إلى الدير ليصبح كاهنًا.
قضى مينا طفولته في إحدى قرى لواء الإسكندرون الواقع بين الحدود السورية التركية، ثم عاد بعدها إلى اللاذقية.
عاش حنا حياة قاسية وقد عمل في الكثير من المهن وكافح في بدايته، فعمل حلاقًا وحمالًا في المينا وبحار في السفن والمراكب، كما عمل في تصليح الدراجات ومربِ للأطفال، ثم بدأ العمل ككاتب في المحكمة ثم اتجه إلى الصحافة وكتابة القصص القصيرة ثم كتابة المسلسلات الإذاعية وبعدها اتجه إلى كتابة الرواية.
وعن نشأته يقول الروائي حنا مينا: "منذ كنت ابن ثلاث سنوات، وتلك الدار القديمة في مدينة اللاذقية والتي هدمت فيما بعد تتراءى لي كبقايا حلم لأنني ولدت وحبوت ودرجت فيها. كانت بدء وعيي بالوجود وظلت رؤاها فرقاً تتجمع وتتفرق تظهر وتغيب ينقطع تسلسلها ينقلب تتجلى تمحى بفعل الزمن أو يمحى بعضها، إلى أن قضت على ما تبقى منها، وأعدت الترميم والتوليف وسد الفجوات حتى تكاملت بقاياها واستقامت صوراً صالحة لمتابعة سياق حياة عائلة".
هل حنا مينا مسيحي؟
نعم الروائي السوري حنا مينا مسيحي.
زوجته وأولاده
تزوج الروائي حنا مينا من السيدة مريم ديمان سمعان ولديه منها 5 أبناء ومنهم ابنه سليم الذي توفي في الخمسينيات، وابنه سعد وهو أصغر أبنائه والذي شارك في مسلسل "نهاية رجل شجاع" المأخذوة عن رواية والده.
لديه 3 بنات وهن سلوى التي تعمل طبيبة، وسوسن وحصلت على شهادة في الأدب الفرنسي، وأمل وهي مهندسة مدنية.
![حنا مينا Hanna Mina الأديب البحار]()
مسيرته الأدبية
كنت البداية الأدبية للروائي حنا مينا متواضعة، فقد عمل في البداية في كتابة العرائض للحكومة ثم اتجه إلى العمل الصحفي وكتب المقالات والأخبار لصحف لبنانية وسورية، وبعدها اتجه إلى كتابة المقالات الكبيرة والقصص القصيرة.
كان مينا يرسل قصصه إلى الصحف السورية في دمشق، وفي عام 1947 استقر في العاصمة دمشق وعمل في جريدة الإنشاء حتى أصبح رئيس تحريرها.
بدأ مينا ي كتابة مسرحية دونكيشوتية إلا أنها ضاعت من مكتبته فتوقف عن كتابة المسرحيات، واتجه إلى كتابة الروايات، وقد زخرت مكتبته بما يقرب من 40 علمًا أدبيًا وعدد من القصص القصيرة.
أول رواية له كانت رواية "المصابيح الزرق" عام 1954، وفي عام 1951 كان من الكتاب الذين ساهموا في تأسيس رابطة الكتاب السوريين، وقد نظمت الرابطة أول مؤتمر لها عام 1954 بعنوان "المؤتمر الأول لكتاب العرب". ساهم الروائي الراحل أيضًا في تأسيس اتحاد الكتاب العرب عام 1969.
كم عدد روايات حنا مينا؟
كتب الروائي حنا مينا 40 رواية اجتماعية بجانب عدد من الدراسات، وقد تحولت بعض روايته إلى مسلسلات وأفلام سورية ناجحة.
ومن روايات حنا مينا "المصابيح الزرق" وهي أول رواياته وتحول إلى مسلسل يحمل الاسم نفسه من بطولة سلاف فواخرجي، و"الشراع والعاصفة"، و"الياطر"، و"الأبنوسة البيضاء"، و"حكاية بحار"، و"الثلج يأتي من النافذة"، و"نهاية رجل شجاع"، والتي تحولت إلى مسلسل أيضًا.
من كتب حنا مينا أيضًا "بقايا صور"، و"المستنقع"، و"القطافط، و"الربيع والخريف"، و"حمامة زرقاء في السحب"، و"الولاعة"، و"فوق الجبل وتحت الثلج"، و"حدث في بيتاخو"، و"النجوم تحاكي القمر"، و"القمر في المحاق"، و"عروس الموجة السوداء"، "الذئب الأسد".
من مؤلفات حنا مينا الأخرى "الفم الكرزي"، و"الأرقش والغجرية"، و"حين مات النهد"، و"حارة الشحادين"، و"مأساة ديمترو"، و"المرأة ذات الثوب الأسود"، و"عاهرة ونصف مجنون"، و"هواجس في التجربة الروائية"، و"كيف حملت القلم"، و"امرأة تجهل أنها امرأة " وأعمال أخرى.
![حنا مينا Hanna Mina الأديب البحار]()
أفلام حنا مينا
تحولت عددًا من مؤلفات حنا مينا وروايته إلى أعمال فنية ما بين المسلسلات والأفلام، منها فيلم عن رواية "بقايا صور" من إخراج نبيل المالح، وقد حصل الفيلم على جائزة في مهرجان دمشق السينمائي، وجائزة أفضل إخراج في مهرجان قرطاج وجائزة أفضل ممثل للفنانأديب قدورة.
أيضًا تحولت روايته "الشمس في يوم غائب" إلى فيلم من إخراج محمد شاهين وحصل الفيلم على 3 جوائز منها جائزة تقديرية من كارلو فيفاري عام 1985. تحولت روايته أيضًا "آه يا بحر" إلى فيلم سينمائي، وروايته "الشراع والعاصفة" تحولت إلى فيلم أيضًا.
البحر في روايات حنا مينا
عشق حنا مينا البحر الذي وصفه بأنه مصدر إلهامه وعشقه. كانت معظم أحداث رواياته تقع بجانب البحر والمكان المحوري لأعماله هو البحر.
تناول حنا أيضًا في عدد من رواياته قصص بحارين، منها رواية "الشراع والعاصفة" الذي تناول فيها قصة بحار اسمه محمد بن زهدي الطروسي الذي فقد مركبة بسبب العاصفة ويحاول تحقيق أمنيته بشراء مركب جديد.
وعن لقب "أديب البحر" يقول مينا: "تريدون معرفة البحر؟ ابحثوا عنها في رواياتي، لا في الأدب العربي القديم أو في الأدب العربي الحديث، فهما، قديماً وحديثاً، ليس فيهما ما يسمى "أدب بحر". معي وحدي كان البحر بحراً، في ثماني روايات عن هذا الأزرق الواسع، لذلك سموني "أديب البحر" وأنا كذلك، شاء الحساد أو كرهوا!".
![حنا مينا Hanna Mina الأديب البحار]()
وفاة حنا مينا
توفي الروائي السوري حنا مينا في 21 أغسطس عام 2018 عن عمر 94 عامًا في العاصمة السورية دمشق بعد صراع طويل مع المرض.
وبعد وفاته نعته وزارة الثقافة السورية، كما نعاه عدد من الكتاب والشعراء في الوطن العربي منهم الشاعر والكاتب اللبناني زاهي وهبي الذي قال عن وفاته: "بغياب حنا مينه نخسر مثقفا وأديبا كادحا مكافحا كرس حياته في سبيل تحويل الناس العاديين إلى أبطال شجعان منتصرين في معركة الحياة الضروس".
وصية حنا مينا
قبل 10 سنوات من وفاته كتب الروائي السوري حنا مينا وصيته والتي كتب فيها ألا يتم الإبلاغ عن موته وأن يتم دفنه في قبر مهجور، كما طلب ألا يتم عمل عزاء وحفل تأبين له.
ويقل حنا في وصيته: "أنا حنا بن سليم حنا مينه، والدتي مريانا ميخائيل زكور، من مواليد اللاذقية العام 1924، أكتب وصيتي وأنا بكامل قواي العقلية، وقد عمّرت طويلاً حتى صرت أخشى ألا أموت، بعد أن شبعت من الدنيا، مع يقيني أنه "لكل أجل كتاب".
"عندما ألفظ النفس الأخير، آمل، وأشدد على هذه الكلمة، ألا يذاع خبر موتي في أية وسيلة إعلامية، مقروءة أو مسموعة أو مرئية، فقد كنت بسيطاً في حياتي، وأرغب أن أكون بسيطاً في مماتي، وليس لي أهل، لأن أهلي، جميعاً، لم يعرفوا من أنا في حياتي، وهذا أفضل، لذلك ليس من الإنصاف في شيء، أن يتحسروا علي عندما يعرفونني، بعد مغادرة هذه الفانية".
