حقوق مجتمع الميم ..هل يحميها الدستور الألماني؟

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: الإثنين، 19 أغسطس 2024
حقوق مجتمع الميم ..هل يحميها الدستور الألماني؟

في يوليو/ تموز الماضي، تظاهر مئات الآلاف في العاصمة الألمانية برلين في "مسيرة الفخر" أو "يوم كريستوفر ستريت" CSD لدعم الاعتراف بحقوق مجتمع الميم، الذي يتم اختصاره بـ "LGBTQ+" والذي يشير بدوره إلى المثليين والمثليات والأشخاص الذين لديهم هويات أخرى، مثل مزدوجي التوجه الجنسي، واللاجنسيين، والمتحولين جنسياً، وأحرار الجنس.

تحدّث أحد أفراد مجتمع الميم، وانيا كيبر، من أصل كازاخستاني، مع دويتشه فيله DW خلال "يوم كريستوفر ستريت" عن قصة حياته.

"أتيت مع عائلتي إلى ألمانيا، وأفصحت عن ميولي الجنسية فور وصولي، ولكن البكاء وتناول المهدئات وتجنب الحديث عن الأمر كان رد فعل والديّ الأول. كيف كان شعوري عندما لم أستطع إخبار أحد بذلك، عندما شعرت بأنني لست على ما يرام؟ عندما اعتبروني مجرماً، أو مريضاً؟ عندما لم أكن موجوداً على الإطلاق؟"


حماية الهوية الجنسية والجندرية (الجنسوية)

بالرغم من ذلك، أضاف كيبر أن والده ليس فخوراً به فحسب، بل وأصبح مدافعاً عن حقوق مجتمع الميم أيضاً، ويعتبر كيبر أن قصته تمثل قصة نجاح صغيرة، ولكن لا يتمتع الجميع بالمرونة والحظ مثله على حدّ تعبيره، وهذا ما يجعل المطالبة بأن يكون الحظر المفروض على التمييز بسبب التوجه الجنسي مكتوب صراحةً في الدستور الألماني أحد المطالب الرئيسية في يوم كريستوفر ستريت.

بهذا الصدد قال المغني الألماني الشهير هربرت جرونيمير في يوم كريستوفر ستريت إنه يجب تعديل المادة 3 من الدستور الألماني لتصبح على النحو الآتي: "لا يمكن ممارسة التمييز ضد أي شخص بسبب جنسه أو هويته الجنسية"، وهتف قائلاً: "يجب علينا المثابرة والاستمرار في التحلي بالشجاعة".

شروط تعديل الدستور الألماني

تنص المادة الثالثة من الدستور الألماني الحالي على أنه "لا يجوز تفضيل أي شخص أو استبعاده بسبب جنسه، أو نسبه، أو عرقه، أو لغته، أو موطنه، أو أصله، أو معتقده، أو آرائه الدينية أو السياسية". وبالتالي لا يتم ذكر الهوية الجنسية صراحةً.

وبالرغم من أن الاتفاق الذي وقّع عليه شركاء الائتلاف الحاكم في ديسمبر/ كانون الأول 2021، الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) من يسار الوسط، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر (FDP) الليبرالي الجديد، أشار إلى نيتهم في تغيير صياغة الدستور، ولكن المشكلة تكمن في أن أي تغيير في الدستور يتطلب أغلبية الثلثين في كل من البرلمان الألماني (بوندستاغ): مجلس النواب، ومجلس الولايات الاتحادي(بوندسرات) الذي يمثّل الولايات الفيدرالية.

بالرغم من ذلك فإن الأحزاب الثلاثة الحاكمة لا تشغل ثلثي مقاعد البرلمان الألماني، مما يعني أنها بحاجة إلى دعم من أكبر الأحزاب المعارضة، مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) والاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU) التي لا تؤيد هذه الأفكار.

موقف التحالف "المسيحيين" من تعديل الدستور

قال تورستن فراي، سكرتير الكتلة البرلمانية للاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في البرلمان الألماني، لوكالة "ريداكيونسنيتسفيرك دويتشلاند" RND الإعلامية: "لا ينبغي تغيير قائمة الحقوق الأساسية، أو بعبارة أخرى، جوهر دستورنا، إلا لأسباب خاصة للغاية، لكنني لا أرى أيضاً أي سبب لتعديل الدستور؛ لأن الحماية من التمييز على أساس الجنس منصوص عليها بالفعل في المادة الثالثة منه".

ومن جانبه لم يكن ديرك فيسيه، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD) راضياً عن رد فراي، فقال: "للأسف، رفض الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في البرلمان الدخول في محادثات حول هذه القضية، ولذلك نشيد بموقف ساسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي من الولايات الفيدرالية الذين اتخذوا موقفاً مختلفاً". و على وجه التحديد، أشار فيسيه إلى عمدة برلين كاي فيغنر من الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والذي أعلن مجلس شيوخ برلين في عام 2023 تحت قيادته عن مبادرة يوم مجلس الولايات الاتحادي لتعديل المادة 3 من الدستور.

وفي يوم كريستوفر ستريت عام 2023 قال فيغنر: "نريد تعديل المادة 3 من الدستور، ويجب تضمين الهوية الجنسية، هذا وعد". ومع ذلك لم يحدث شيء.

وبعد معارضة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، بذل العديد من ممثلي الائتلاف جهودًا للضغط مرة أخرى من أجل تعديل الدستور، وقال النائب كونستانتين كوهلي لـ RND نيابة عن الحزب الديمقراطي الحرّ: "إن التعديل الدستوري سيكون بمثابة علامة مهمة على القبول السياسي والاجتماعي"، وأضاف: "إن التعديل الدستوري قد طال انتظاره في هذه المرحلة".

ما دلالات تعديل الدستور؟

أشارت جمعية المثليات والمثليين في ألمانيا (LSVD) لسنوات إلى أن التعديل الدستوري يمكن أن يضع حداً لعقود من التمييز الذي واجهه المثليون جنسياً ومزدوجي الميل الجنسي في ألمانيا بعد الحرب، والذين يُعتبرون الضحايا الوحيدين للاشتراكية الوطنية، الذين تم استبعادهم عمدًا من الدستور الذي تمت صياغته والمصادقة عليه في عام 1949، كما أنهم تعرّضوا للاضطهاد بموجب المادة 175 من قانون العقوبات الألماني التي لم تُلغَ إلا بحلول عام 1994.

على الصعيد الدولي، تم بذل جهود حثيثة لحماية حقوق مجتمع الميم، فعلى سبيل المثال تعترف 22 دولة أوروبية بزواج المثليين بالمقارنة مع 16دولة خارج أوروبا، وفي ألمانيا وبعد سنوات طويلة من النقاش أصبح زواج المثليين ممكناً منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017.

ولكن فقط 20 دولة في جميع أنحاء العالم لديها قانون التحديد الذاتي للجنس والهوية الجندرية، والمؤسف حقاً أن مجتمع المثليين الجنسيين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية يواجهون تمييزاً قانونياً في ثلث دول العالم.

أعدته للعربية ميراي الجراح

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة