قامة فنية كبيرة في مجال الموسيقى، وصاحب أجمل الألحان ومؤسس فرقة العاشقين، إنه الموسيقار الفلسطيني حسين نازك الذي رحل عن عالمنا مؤخرًا تاركًا خلفه مجموعة من أعظم الألحان الموسيقية، وبرع في برامج الأطفال وأهمها برنامج "افتح يا سمسم" في السطور التالية تعرف على مسيرته الفنية وحياته.
من هو حسين نازك؟
هو موسيقار وملحن فلسطيني ولد القدس في عام 1942، وتلقى العلوم الموسيقية في سن مبكر بتشجيع من والديه الذين عشقا الموسيقا، فدرس نازك الموسيقى الغربية والتوزيع الموسيقي وأصول التأليف والتلحين وقيادة الأوركسترا.
كان من أهم أساتذته الموسيقار يوسف خاشو، صاحب سيمفونية "القدس" وقد ظل نازك في فلسطين حتى عام 1967، حينما قرر أهله النزوح إلى عمّان في الأردن، وهناك تابع نازك تعليمه الموسيقي، ودرس العلوم الشرقية على يد الموسيقار الراحل يحيى السعودي الذي كان يعمل في إذاعة عمان.
وعلى يد يحيى السعودي استكمل دراسة ما يحتاج إلى من العلوم الموسيقية الشرقية والغربية، لتبدأ مسيرته الطويلة في عالم التلحين والتوزيع الموسيقي، ليتوجه إلى دمشق بداية من عام 1969 ليبدأ مسيرته المهنية كعازف موسيقي.
مسيرته المهنية
سافر الملحن حسين نازك إلى دمشق عام 1969 وهناك عمل عازفًا على آلات موسيقية مختلفة، وقد عمل في فرقة موسيقية شرقية وغربية، كما عمل في الإذاعة والتلفزيون في سوريا، كما عزف في بعض البرامج المنوعة.
عمل الملحن حسين مع فرقة المطربة ميادة الحناوي، وقد لحن لها بعض الأغنيات الجاز التي حققت شعبية كبيرة في السبعينات، كما شارك كعازف على آلة الساكسفون وآلات أخرى مع فرقة التايغزر لموسيقى الجاز.
أسس حسين نازك فرقًا موسيقية لإحياء التراث الفلسطيني، وقد استعان بالفلسطينيين المعمرين في دمشق، وكانت أول الفرق الموسيقية التي أسسها فرقة "أغاني العاشقين" عام 1976.
فرقة "أغاني العاشقين"
أسس الفنان حسين نازك فرقة "أغاني العاشقين" عام 1976 وكان أعضاء هذه الفرقة فلسطينيين عاشوا في سوريا، وعملت الفرقة على إحياء التراث الفلسطيني، وقدمت أغانِ عن فلسطين والقضية الفلسطينية.
قدمت الفرقة أولى حفلاتها الموسيقية عام 1977، واستعانت في أغانيها بأشعار محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، وراشد حسين، وأحمد دحبور، وأبو صادق.
في حلول عام 1978 قدمت الفرقة 24 أغنية وثقت فيها ما يحدث في المنطقة العربية، وخاصة في فلسطين، كما شاركت في مهرجانات عربية ودولية، منها مهرجان الاغنية السياسية في هلسنكي وذلك عام 1978.
شاركت كذلك في أسبوع التضامن مع الشعب الفلسطيني عام 1980 في موسكو، ومهرجان قرطاج الدولي للفنون في تونس عام 1981، ومهرجان أغنية البحر المتوسط في بنزرت، ومهرجان الاغنية الشعبية في برلين عام 1982 وغيرها.
ساهمت الفرقة في نشر الأغنية الشعبية الفلسطينية، وزيادة الوعي حول القضية الفلسطينية في الوطن العربي وفي العالم أيضًا، وقد قدمت الفرقة عدة ألبوماتها أولها ألبوم "بأم عيني" عام 1987، وألبومات "المدن الفلسطينية"، و"ما بعد" وغيرها، وقد توقفت الفرقة عام 1985.
أعمال حسين نازك
بعد توقف الفرقة تابع الموسيقار حسين نازك العمل مع فرقة في لندن اسمها "العاشقين أوروبا" وقدم معهم ألبومًا كاملًا باسم "ربيع العاشقين" مع تعاون مع فرقة "جنين" في ألبوم كام تم تسجيله في دمشق وعمّان.
أيضًا شارك الفنان حسين في البرنامج الغنائي المصور "شموع ليلة مقدسية" الذي عرض على التلفزيون، وشارك في تلحين المسرحية الغنائية "واسطة العقد" وتضم المسرحية 33 لحنًا غنائيًا والعديد من الأغنيات المنفردة.
من أعمال حسين نازك أيضًا أنه تولى مهمة إحياء وجمع وإعادة تأهيل التراث الفلسطيني عام 2015، وهو مشروع من تنظيم المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ورغم أن المشروع قطع شوطًا كبيرًا إلا أنه توقف بسبب صعوبة التواصل خلال جائحة كورونا.
فرقة "زنوبيا القومية الحديثة"
في عام 1985 أسس الموسيقار حسين نازك فرقة زنوبيا القومية الحديثة، وقد استمرت هذه الفرقة في تقديم الأغاني حتى عام 2002، وقد تم تشكيلها بطلب من الدكتور نجاح العطار من تنظيم وزارة الثقافة في فلسطين.
حققت الفرقة نجاحًا كبيرًا محليًا وعربيًا وعالميًا كذلك، وقد أصبحت من الفرق الحية للتراث الشعبي الفلسطيني بشكل متكامل من ألحان وكلمات وملابس.
أغاني الأطفال
كان للطفل نصيب هام من أعمال الموسيقار حسين نازك وإنتاجه الفني والموسيقي، قد لحن العديد من أغاني الأطفال، ولعل أشهرها موسيقى مسلسل الأطفال الشهير "افتح يا سمسم" في أجزائه الأول والثاني والخامس فضلًا عن العديد من أغاني الأطفال منها برنامج "المناهل" وفيلم "عروس البحيرة".
الأغاني القومية
كان للملحن حسين نازك أيضًا أعمالًا وطنية كثيرة، ومنها برنامج "بأم عيني" المستوحى من كتاب المحامية فيليتسيا لانجر، وقلد لحن أشعار لشعراء فلسطينيين منهم محمود درويش، وتوفيق زياد وصل عددها 24 أغنية.
قدم كذلك ألحان مغناة "سرحان الماسورة" من أبيات الشاعر توفيق زيادة ومدتها 40 دقيقة، وتم تقديمها للمرة الأولى عام 1980 على المسرح البلدي في تونس، كما قدم عملًا تلفزيونيًا اسمه "عز الدين القسام" فيه 20 أغنية فلسطينية.
لحن كذلك أغاني برنامج "ليش" الذي تناول الصراع الذي نشب بين فصائل المقاومة الفلسطينية في الأراضي اللبنانية، وكتب أغاني البرنامج الشاعر السوري حسين حمزة.
أعاد الفنان نازك أيضًا توزيع الأناشيد القومية في بلاد الشام التي انتشرت في الفترة ما بين 1932 إلى 1947، ومنها "بلاد العرب أوطاني"، و"نحن الشباب"، و"في سبيل المجد"، و"نشيد حمادة الديار" وغيرها.
وفاة حسين نازك
غيب الموت الموسيقار الفلسطيني حسين نازك عن عمر 81 عامًا في 25 مايو عام 2023، وقد نعت نقابة الفنانين في فلسطيني الفنان الراحل الذي اهتم بالتراث الثقافي الفلسطيني والسوري وجددهما.
وقد نعاه وزير الثقافة عاطف أبو سيف في بيان قال فيه: "برحيل حسين نازك تخسر الحركة الثقافية والفنية الفلسطينية علماً بارزاً من أعلام الإبداع الفني الفلسطيني، ومدرسة من مدارسها المجددة للفعل الثقافي". وقد توفي الراحل في دمشق.