رسم الأديب والكاتب الفلسطيني السوري حسن سامي يوسف ملامح المجتمع السوري بواقعية مؤثرة في أعماله الأدبية والفنية، وبرحيله ترك فراغًا كبيرًا في الساحة الأدبية، وشكلت أعماله علامة فارقة في الأدب العربي، حيث ناقش قضايا اجتماعية مختلفة بعمق وإنسانية، وكانت أعماله صوتًا للمجتمع، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو حسن سامي يوسف؟
حسن سامي يوسف هو كاتب سوري بارز، وُلد في قرية لوبيا بفلسطين عام 1945. بعد النكبة عام 1948، انتقل مع عائلته إلى لبنان، ثم إلى دمشق، حيث أسس مع مجموعة من الشبان فرقة المسرح الوطني الفلسطيني. درس السينما في المعهد العالي للسينما بموسكو، وتولى رئاسة دائرة النصوص في المؤسسة العامة للسينما.
يوسف له إسهامات كبيرة في الدراما السورية من خلال كتابة سيناريوهات العديد من الأعمال المميزة، منها "شجرة النارنج" (1989)، "الشقيقات" (1995)، "ثلوج الصيف" (1999)، "سقف العالم" (2007)، و"الندم" (2016).
كما كتب سيناريو مسلسل "الأمير الأحمر" عن سيرة القيادي الفلسطيني الراحل أبو علي سلامة، وكان من المفترض أن يؤدي شخصيته الفنان السوري تيم حسن، إلا أن المشروع توقف. آخر أعماله كان مسلسل "فوضى" في عام 2018، الذي تناول جوانب من حياة السوريين البائسة في ظل الحرب.
إلى جانب أعماله ككاتب سيناريو، عمل كمستشار درامي للعديد من الأفلام منها "بقايا صور"، و"الاتجاه المعاكس"، كما تعاون في تأليف أكثر من 9 مسلسلات درامية، وكتب العديد من الروايات الناجحة التي تناول فيها مشكلات الحياة، وترجم أعمالًا إلى اللغة العربية.
نشأته وتعليمه
ولد حسن سامي يوسف في قرية لوبيا في فلسطين في 1 مايو عام 1945، وقد وقعت نكبة فلسطين عام 1948، لذا ارتحلت العائلة إلى لبنان، ومنها إلى سوريا، حيث استقرت الأسرة في دمشق، وفيها تلقى يوسف تعليمه الابتدائية والإعدادي في مدارس الأونروا، ثم التحق بمدرسة عبد الرحمن الكواكبي الثانوية.
توفي والد يوسف في السابعة من عمره، وقد عاش طفولة صعبة، فقد قال في أحد التصريحات الصحفية بأنه لم ينعم بأية طفولة". بعد الثانوية عمل يوسف ممثلًا في المسرح القومي في دمشق.
رغم أنه فلسطيني، إلا أنه يرى أنه سوري في المقام الأول، إلا أنه لم يتهرب أو ينفي فلسطينيته، لكنه يرى أن فلسطين هي سوريا بحد ذاتها.
وقد تحدث يوسف عن فكرته تلك في روايته "عتبة الألم"، والتي تعتبر بمثابة سيرة ذاتية، حيث قال: "فلسطين أرض سورية تم اغتصابها بمؤامرة كونية فريدة من نوعها في تاريخ البشر. هذا ما أؤمن به، وهذا ما لا أجادل فيه، كنت وما زلت وسأبقى مؤمنًا بأنني سوري أعطوه اسم: فلسطيني، تمامًا كما أن هناك حلبيًا، حمصيًا، إلخ".
بعد نكسة عام 1967 ساهم يوسف بتشكل فرقة المسرح الوطني الفلسطيني مع عدد من الشباب، وقد قدمت الفرقة عددًا من العروض المسرحية في عواصم عربية مختلفة، وفي العام التالي سافر إلى الاتحاد السوفيتي لدراسة السينما في المعهد العالي للسينما في موسكو بمنحة من وزارة الثقافة في سوريا.
درس يوسف في الاتحادا لسوفيتي لمدة 5 سنوات، وحصل على درجة الماجستير في هذا المجال، وبعد عودته بدأ مسيرته المهنية بالعمل كرئيس لدائرة النصوص في المؤسسة العامة للسينما، وهي المهنة التي شغلها معظم حياته المهنية، كما أنه كان عضواً في هيئة تحرير مجلة الحياة السينمائية التي كانت تصدر من دمشق.
روايات حسن سامي يوسف
أحب حسن سامي يوسف القراءة منذ صغره، وقد كان شقيقه الأكبر الناقد الكبير يوسف يوسف هو من فتح له أبواب القراءة والشعر، وحصل على دعم من الشاعر شوقي بغدادي، وبعد سنوات من القراءة ألف روايته الأولى "فلسطيني" والتي صدرت عام 1987.
واصل يوسف تأليف العديد من الروايات الناجحة، ومنها "الزورق"، و"رسالة إلى فاطمة"، و"بوابة الجنة"، و"فتاة القمر"، و"على رصيف العمر"، و"عتبة الألم"، وهي الرواية الأشبه بسيرة ذاتية له، سرد فيها معاناته كفلسطيني خارج أرضه، ووثق في الرواية الحر بالتي ضرب سوريا بطريقته الخاصة.
مسلسلات حسن سامي يوسف
برز اسم الكاتب حسن سامي يوسف في عالم الدراما السورية، فهو من كتب سيناريوهات العديد من المسلسلات التي حققت نجاحًا كبيرًا، ومنها "نساء صغيرات"، وهو المسلسل الذي استندت أحداثه على رواية "فتاة القمر"، و"مسلسل "أسرار المدينة"، و"زمن العار"، و"الندم"، وهو المسلسل الذي استندت على روايته "عتبة الألم".
من مسلسلاته الأخرى "شجرة النارنج"، و"الشقيقات"، و"أيامنا الحلوة"، و"قبل الغروب"، و"قلب دافئ"، و"حكاية خريف"، و"رجال ونساء"، و"الانتظار"، و"الغفران"، و"السراب"، وفوضى".
وبجانب ذلك، وضع يوسف المعالجة الدرامية للعديد من الأفلام، ومنها "حبيبي يا حب التوت"، و"الطحالب"، و"صعود المطر"، و"نجوم النهار"، والذي صنف من بين أفضل 100 فيلم عربي في تاريخ السينما العربية في مهرجان دبي السينمائي عام 2003.
حصل يوسف على العديد من الجوائز خلال مسيرته، منها أفضل سيناريو عن مسلسل "نساء صغيرات" من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1999، وجائزة التلفزيون السوري لأفضل سيناريو، وجائزة محمد بن راشد للدراما العربية.
تنظيم مسابقة للقصة القصيرة
أعلن الكاتب السوري حسن سامي يوسف عن جائزة للقصة القصيرة للشباب دون سن الثلاثين عامًا، وذلك في عام 2020، وتتضمن شروط المسابقة ألا يتجاوز عدد كلمات القصة 2000 كلمة، وتمنح المسابقة جوائز مالية للنصوص الثلاثة الفائزة، وذلك إيمانًا منه بقدرات الشباب، وأهمية خلق فرص للموهوبين.
وفاة حسن سامي يوسف
توفي الكاتب والسيناريست الفلسطيني السوري حسن سامي يوسف في الثاني من شهر أغسطس عام 2024 عن عمر 79 عامًا، وقد أعلن عن وفاته ابن أخيه وليد يوسف عبر حسابه على فيسبوك، حيث كتب: "على مهلك وين رايح يا مسك فايح. الروائي والسيناريست حسن سامي يوسف في ذمة الله. عمي حسن، الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة".
وعد وفاته نعته نقابة الفنانين في سوريا والعديد من الفنانين والمثقفين في الأوساط الفنية والثقافية في سوريا، فيما لم يتم الإعلان عن سبب الوفاة.