حقق البروفيسور الأمريكي جيفري لانج شهرة واسعة، ليس فقط لكون عالم رياضيات ناجح في جامعة سان فرانسيسكو، ولكن أيضًا بسبب قصة إسلامه ومؤلفاته المميزة عن الإسلام التي حققت مبيعات كثيرة، فضلًا عن محاضراته عن الإسلام التي لاقت تفاعلًا كبيرًا من المجتمع الإسلامي حول العالم، تعرف أكثر على مسيرته المهنية وقصة إسلامه.
من هو جيفري لانج؟
هو عالم رياضيات أمريكي ولد في 30 يناير عام 1954 في مدينة بريدجبورت في ولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة الأمريكية وهو واحد من أشهر معتنقي الإسلام الذي ألف عددًا من الكتب وألقى الكثير من المحاضرات عن الإسلام.
ألف جيفري عددًا من المؤلفات ولعل أهمها كتاب "الصراع من أجل الإيمان" الذي فصّل فيه قصة اعتناقه الإسلام. درس جيفري في جامعة بيردو عام 1981 وحصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات وأصبحت بعدها في جامعة سان فرانسيسكو.
نشأته وحياته
نشأ البروفيسور جيفري لانج في عائلة مسيحية كاثوليكية رومانية متدينة، وقد درس في المدارس الكاثوليكية، إلا أن دراسته للدين المسيحي تركت له العديد من الأسئلة حول الله والدين ولكنه لم يجب إجابات شافية لها.
ويقول الدكتور جيفري إنه بدأ يتساءل مثل بقية الأطفال في مثل سنه، وذلك تقريبًا في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، وتساءل عن القيم السياسية والاجتماعية والدينية كذلك.
بدأ جيفري التمرد بعد كل هذه التساؤلات فيقول: "لقد تمردت على كل المؤسسات التي يعتبرها الجميع مقدسة، بما فيها الكنيسة الكاثوليكية".
قصة إسلام جيفري لانج
بحلول سن الـ18 عامًا أعلن لانج أنه أصبح ملحدًا ولا يؤمن بوجود الله، ويقول عن هذا الأمر: "إذا كان هناك إله، وهو كلي الرحمة وكل المحبة، لماذا توجد معاناة على هذه الأرض ولماذا لا يأخذنا إلى الجنة، ولماذا خلق كل هؤلاء الناس ليعانوا" كانت هذه التساؤلات التي تبادرت في ذهنه سببًا في ابتعاده عن الأديان وسؤالًا جال في خاطره لسنوات ولم يجد له إجابة إلا في القرآن الكريم.
في الجامعة، وعندما كان جيفري لانج يبلغ من العمر 28 عامًا ويعمل محاضرًا في الرياضيات في جامعة سان فرانسيسكو، التقى ببعض الأصدقاء المسلمين في الجامعة وتحدث معهم عن الدين، ثم التقى بطالب سعودي اسمه محمود قنديل الذي جادله بشأن الأديان فما لبث أن منحه قنديل نسخة من القرآن الكريم وبعد الكتب عن الدين الإسلام وكانت هذه بداية رحلته لدراسة الدين الإسلامي.
قرأ لانج صفحات من القرآن حتى وصل إلى الآية رقم 30 في سورة البقرة والتي وجد فيها السؤال الذي كان يتبادر لذهنه لسنوات، والتي يحدث الله فيها الملائكة أنه سيخلق آدم ليكون خليفة في الأرض: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ".
كان هذا السؤال يتبادر إلى ذهن جيفري لأكثر من 10 سنوات، لماذا يخلق الله بشرًا يسفكون الدماء ويصبحون مصدرًا من الشر بدلًا من أن يخلقهم ملائكة يعيشون في الجنة؟ ولماذا اختار لهم المعاناة في الأرض، وكانت هذه الآية ما دفعته لإكمال قراءة القرآن الكريم ليجد فيه راحته وطمأنينته.
ويقول جيفري عن قراءته للقرآن: "لما قرأته لأول مرة شعرت كأن القرآن هو الذي يقرأني"، وبعد رحلة مع القرآن توجه جيفري إلى المسجد ورغم تردده من الدخول إلا أنه ولأول مرة منذ 10 سنوات يقرر أن يدعوا والله، الذي لم يكن يؤمن بوجوده، ويقول: "اللهم إن كنت تريد لي دخول المسجد فامنحني القوة".
دخل جيفري لانج إلى المسجد ونطق الشهادتين وكانت أصعب لحظات حياته وأكثرها قوة وتحررًا في آن واحد، وبعدها بعدة أيام تعلم الصلاة.
" لماذا أسلم جيفري لانج؟" كان هذا عنوان الكثير من المحاضرات التي شارك فيها جيفري لانج بعد اعتناقه الإسلام وكتابته عددًا من المؤلفات عن الدين الإسلام.
كتب جيفري لانج
أصدر جيفري لانج عددًا من المؤلفات منها "الصراع من أجل الإيمان" والتي حكى فيها قصة إسلامه، وكتاب "حتى الملائكة تسأل: رحلة إلى الإسلام في أمريكا"، وكتاب: "ضياع ديني: صرخة المسلمين في الغرب".
وكانت لهذه الكتب شديد الأسر على المسلمين الجدد في أمريكا، فقد أصبح جيفري واعظًا يلقي المحاضرات ويتحدث عن قصة إسلامه والأسباب التي دفعته لاتخاذ دخول الإسلام.
زوجة جيفري لانج
تزوج جيفري لانج مرتين، المرة الأولى من سيدة أمريكية كانت تدرس معه في جامعة بردو، إلا أنهما انفصلا بعد 3 سنوات بناء على رغبتها. الزوجة الثانية هي سيدة سعودية مسلمة اسمها راجية قنديل، وهي شقيقة صديقه المسلم الذي أهداه القرآن، تزوجها بعد اعتناقه الإسلام أنجب منها عدة أطفال.
ماذا قال جيفري لانج عن القرآن؟
كان القرآن الكريم سبب هداية جيفري لانج للإسلام، وقد قال جيفري إن القرآن أسرة وتملك قلبه وجعله يستسلم لله كما أنه يدفع القارئ إلى اللحظة القصوى، حيث يشعر بأنه يقف بمفرده أمام خالقه.
ويقول جيفري: "إذا اتخذت القرآن بجدية فلا يمكنك قراءته ببساطة لأنه يحمل حقوقًا عليك، فهو يجادلك وينتقدك ويتحداك"، ويضيف: "كان واضحًا أن منزل القرآن يعرفني أكثر مما أعرف نفسي، فقد كان القرآن دائمًا يسبقني في تفكيري ويخاطب كل تساؤلاتي ثم أجد الإجابة في اليوم التالي".
يقول جيفري أنه عندما أسلم كان يجاهد نفسه لحضور الصلوات في المسجد ليس لحضور الجماعة فقط، وإنما أيضا لسماع القرآن الكريم رغم أنه كان يجهل العربية حينها.
وقد سُئل جيفري عن هذا فقال إن الطفل الرضيع يرتاح لصوت أمه وهكذا هو يشعر بالاطمئنان عندما يسمع كلام الله.
جيفري لانج صلاة الفجر
من أهم القصص التي حكاها جيفري لانج خلال إسلامه هو قصة محاولة الاستيقاظ من أجل صلاة الفجر وخاصة أنه تعود السهر لساعات متأخرة من الليل وهو ما صعّب عليه مهمة الاستيقاظ لصلاة الفجر واقتناص ثوابها.
ويحكي جيفري عن الوسيلة التي جربها من أجل الاستيقاظ للفجر، فذهب إلى السوق واشترى 3 منبهات من الأنواع القديمة ذات الصوت العالي، وضبط منبهًا على الرابعة صباحًا بجانبه، والثانية على الرابعة والخمس دقائق ووضعه في الصالة والثالث على الرابعة وعشر دقائق وجعل مكانه في الحمام.
كان جيفري يستيقظ على المنبه الأول فيسكته ثم ينام، إلا أن المنبه الثاني يبادره فيضطر للقيام إلى الصالة ويسكته ثم ينام على الكنبة والثالث يضرب في الحمام فيضطر للسير إلى الحمام وحينها يتوضأ للصلاة.