جون لينون.. المغني الإنجليزي الذي تحول إلى أسطورة

أسطورة من أساطير موسيقى الروك في العالم، وأحد أشهر المغنيين والملحنين في التاريخ، إنه الموسيقي الإنجليزي جون لينون أحد أعضاء فرقة البيتلز الأسطورية، التي غيّرت وجهة موسيقى الروك في القرن العشرين، وقاده شغفه بالموسيقى إلى تحقيق نجومية عالمية، إلا أن حياته انتهت بطريقة مأساوية، تعرف أكثر على مسيرته وحياته في هذا المقال.

من هو جون لينون؟

جون وينستون أونو لينون هو مغني وكاتب أغاني وموسيقي وملحن إنجليزي ولد في 9 أكتوبر عام 1940 في ليفربول في إنجلترا، وهو أحد أشهر مغنيي وموسيقيي الروك في العالم، وأحد الأعضاء المؤسسين لفرقة البيتلز، والتي تعد واحدة من أشهر وأهم الفرق الموسيقية في تاريخ الموسيقى.

اكتسبت فرقة البيتلز شهرة عالمية خلال فترة الستينيات بأغنيات مميزة وأسلوب موسيقي مبتكر، وقد ساهم لينون في كتابة وتلحين العديد من الأغنيات الشهيرة، وشكلت الفرقة تأثيرًا كبيرًا على ثقافة الموسيقى الشعبية.

تركت أغنيات لينون ورسائله للسلام والحب أثرًا كبيرًا في العالم، ولا تزال أغنياته تلهم الأجيال الجديدة من الموسيقيين والفنانين، وارثه امتد من خلال أعماله الموسيقية وأفكاره الإنسانية.

مراهقة مضطربة

ولد جون لينون في مدينة ليفربول في إنجلترا، وهو الابن الوحيد للبحار التجاري ألفريد، ووالدته جوليا، التي تخلت عن تربيته، بينما ربّت ابنها شقيقتها ميمي.

كان والده يعمل بعيداً عن المنزل لفترات كثيرة، ولكنه كان ينفق على ابنه جيدًا، فيما تولت والدته في البداية تربيته، وبعدما حملت والدته من رجل آخر تقدمت شقيقتها بشكوى إلى خدمات الرعاية الاجتماعية، وحصلت على حضانة لينون في النهاية.

عاش لينون منذ طفولته تجارب صعبة، فقد أجبر على الاختيار بين والده ووالدته بعدما قررا الانفصال، وقد عاش في النهاية مع خالته ميمي وزوجها جورج توجود، بينما والدته جوليا كانت تزوره بشكل منتظم.

اهتمت خالته ميمي بتربيته، وقدم له رعاية جيدة، وقد علمته العزف على آلات موسيقية مختلفة، كما نشأ على استماع موسيقى وأسطوانات إلفيس بريسلي، كما علمته موسيقى المغني الأمريكي فاتس دومينو.

كان لينون على علاقة جيدة بأقاربه، فقد كان يزور ابن عمه ستانلي باركس بانتظام، ويذهب معه إلى رحلات مختلفة. تلقى لينون تعليمه في درس دوفدال الابتدائية، ثم التحق بمدرسة كواري بانك الثانوية في ليفربول.

في المدرسة وصف لينون بأنه طالب مرح وحيوي وذو مزاج جيد، ولكنه في الوقت نفسه كان ينخرط في معارك متكررة، وأحيانًا يعطل الفصول الدراسية، ولكنه كان محبوبًا في المدرسة والفصل بسبب مزاجه الجيد وخفة ظله.

إلا أن سنواته الأخيرة في المدرسة كانت سيئة، فقد وصف بسوء السلوك، وتسبب ذلك في خلاف شديد بينه وبين خالته.

في عام 1956 اشترت خالته جوليا أول جيتار له، وقد فعلت ذلك بدون عالم والدته؛ لأنها تعلم أنها غير موافقة على أن يواصل ابنها مسيرته كموسيقار.

توفيت والدته جوليا في عام 1958، بعمر 44 عامًا، بسبب حادث سيارة، وقد كانت وفاتها صدمة بالنسبة له، وانخرط في الشرب، ودخل في معارك كثيرة مع زملائه في المدرسة، وقد كانت والدته جوليا بمثابة مصدر إلهام له في العديد من الأغنيات، حتى إنه كتب أغنية لها مع فرقة البيتلز تحمل اسمها في عام 1968.

التحق لينون بكلية ليفربول للفنون، رغم فشله في امتحانات المستوى، ولكنه تمكن من ذلك بتدخل من خالته ومدير المدرسة، ولكنه هدد بالطرد من الكلية بسبب سلوكه، وطرد من الكلية في السنة الأخيرة، ولم يكمل الدراسة.

علاقاته العاطفية

التقى جون لينون بحبيبته الأولى سينيثيا باول في عام 1957، حيث كانت زميلته في كلية ليفربول للفنون، وقد كان غيورًا جدًا في علاقته ومتملكًا، وقد ذكرت في مذكراتها التي صدرت عام 2005 أنه ضربها ذات مرة بسبب غيرته، وقد انتهت علاقته بها بسبب هذه الحادثة، إلا أنها عادت له بعد 3 أشهر عندما اعتذر لها.

وقد ذكرت سينيثيا أنه لم يضربها ولم يسئ إليها جسديًا مرة أخرى بعد هذا الحادث، ولكنها ذكرت أنه كان أحيانًا يسيء لها لفظيًا.

تزوج لينون من سينيثيا بأول في عام 1962، عندما علم بأنها حامل، وقد أبقى خبر زواجه سرًا، حتى لا تتأثر شعبية فرقة البيتلز، ورزق بابنه الأولى جوليان في عام 1963 عندما كان لينون في جولة بعيدًا عن المدينة، ولم يرَ ابنه إلا بعد 3 أيام من ولادته.

بدأت علاقة لينون وسينيثيا بالانهيار بعدما بدأ لينون في تعاطي المخدرات، وقد انتهى زواجهما بالطلاق في عام 1968، وحصلت على مبلغ 100 ألف جنيه إسترليني كتسوية للطلاق، كما حصلت على حضانة ابنه جوليان.

جون لينون ويوكو أونو

التقى جون لينون بالمغنية اليابانية يوكو أونو في نوفمبر عام 1966 في معرض فني في لندن، حيث كان أونو مفتونًا بأعمالها الفنية، وقد بدأت علاقتهما خلال زواجه من سينيثيا بأول، كما أنها حملت في عام 1968، ولكن لم يكتمل الحمل.

بعد انفصاله تزوج لينون من يوكو في عام 1969، وقد تعاون مع زوجته في الكثير من الأعمال الفنية، وانتقل معها إلى نيويورك في عام 1973. رزق لينون من زوجته يوكو بابنه الثاني شون لينون، وذلك بعد 3 حالات إجهاض.

خلال زواجه من يوكو بدأ علاقة مع مساعدته الشخصية ماي بانج، وذلك بطلب من زوجته يوكو نفسها، حيث كانا منفصلين في تلك الفترة، وقد ظلت عشيقته حتى بعد عودته إلى زوجته مرة أخرى.

في شهر مايو عام 2024 تم الإعلان عن تصوير فيلم وثائقي عن علاقة لينون يوكو بعنوان One to One: John & Yoko، وسيركز الفيلم على حياة جون لينون في عام 1972، وهو يؤدي آخر أداء له على المسرح.

بدايته الفنية

بدأ جون لينون مسيرته الفنية في سن الخامسة عشر، وقد شكل في عام 1956 فرقة موسيقية اسمها "كواريمن" مع مجموعة من زملائه في المدرسة، وقدمت الفرقة مجموعة من الأغنيات الحيوية والناجحة من موسيقى روك آند رول.

ومن ضمن الأغنيات الناجحة التي قدمتها الفرقة أغنية Hello Little Girl عام 1963، والتي أصبحت واحدة من أفضل 10 أغنيات في المملكة المتحدة، وضمت الفرقة جون لينون، وجورج هاريسون، وستيوارت ساتكليف، وبول مكارتني، وكانت هذه الفرقة بداية تأسيس فرقة البيتلز.

من هي فرقة البيتلز؟

في عام 1960 تشكلت فرقة البيتلز The Beatles، وهي واحدة من أعظم وأشهر الفرق الموسيقية في التاريخ، وتكونت الفرقة من 4 أعضاء رئيسيين، وهم جون لينون، وكان المغني الرئيسي، وكاتب الأغاني، وعازف الجيتار الإيقاعي.

ضمت الفرقة أيضًا بول مكارتني، وكان عازف الجيتار الباص، وكاتب أغاني، ومغني أيضًا، وجورج هاريسون، وكان كاتب أغاني، وعازف جيتار رئيسي، ورينغو ستار، وهو عازف طبول ومغني.

بدأت الفرقة مسيرتها تحت اسم "ذا بيتلز" في عام 1962، وقدمت العديد من الأغنيات، وقد أدار الفرقة بريان إبستاين، من عام 1962، وحتى وفاته عام 1976، وقدمت الفرقة أول أغنية فردية وهي أغنية Love Me Do، وحققت الأغنية نجاحًا كبيرًا.

في عام 1963 قدمت الفرقة أول ألبوم لها Please Please Me، وحققت الفرقة نجاحًا كبيرًا في المملكة المتحدة، وقامت بأول جولة لها، وفي العام التالي ظهرت للمرة الأولى في الولايات المتحدة في برنامج The Ed Sullivan Show، وقد تلا ذلك عددًا من الجولات المستمرة، وصناعة الأفلام وكتابة الأغاني.

أصدرت الفرقة عدة ألبومات ناجحة، منها With The Beatles، وI Want to Hold Your Hand، وهو الألبوم الذي غزا الولايات المتحدة، وكان بداية ظاهرة "بيتلزمانيا".

خلال الستينات تطورت موسيقى فرقة البيتلز بشكل ملحوظ، حيث جربت الفرقة أنواعًا موسيقية مختلفة، وأساليب إنتاج جديدة، ومبتكرة، وظهر ذلك في العديد ألبوماتهم مثل Sgt. Pepper's Lonely Hearts Club Band، وThe White Album، وRevolver.

بحلول نهاية الستينيات، بدأت الخلافات تنشأ بين أعضاء الفرقة. في عام 1970، أعلن بول مكارتني انفصاله عن البيتلز، مما أدى فعليًا إلى تفكك الفرقة، وأُصدر آخر ألبوم لهم Let It Be بعد الانفصال.

وقد ألقى العديد من معجبي فرقة البيتلز الشهيرة اللوم على يوكو أونو، معتبرين أنها السبب في تفكك الفرقة، حيث يعتقد المعجبون أن أونو أقنعت جون لينون باتخاذ هذا القرار، وأدى وجودها إلى حدوث خلافات بين لينون وبقية أعضاء الفرقة، خاصة بول مكارتني.

تعتبر البيتلز واحدة من أكثر الفرق الموسيقية تأثيرًا في التاريخ. أثروا بشكل كبير على تطور موسيقى الروك والبوب، وساهموا في تشكيل ثقافة الشباب في الستينيات والسبعينيات.

ألبوماتهم وأغانيهم ما زالت تلقى رواجًا كبيرًا، وقد تركوا إرثًا موسيقيًا لا يُنسى، وتم تكريمهم بالعديد من الجوائز والألقاب، وتم إدخالهم في قاعة مشاهير الروك آند رول.

مسيرته المنفردة

بعد الانفصال واصل الأعضاء الأربعة مسيرتهم الموسيقية المنفردة بنجاح، فقد أصدر جون لينون العديد من الأغاني الناجحة حتى اغتياله، وقد حظيت أغنياته نجاحًا كبيرًا، وتناول موضوعات عميقة، مثل الحب والسلام، والسياسة.

في عام 1970 أصدر أول ألبوم منفرد له بعنوان Plastic Ono Band، وقد تميز بصراحة وشفافية وعاطفية كبير، وتناول معاناته النفسية، ومواضيع شخصية مختلفة، ومن أشهر أغنيات الألبوم Working Class Hero، وMother.

في العام التالي أصدر ألبوم Imagine وهو من أشهر وأنجح ألبوماته المنفردة، وأصبحت الأغنية الرئيسية للألبوم نشيدًا للسلام والأمل، وشمل الألبوم أغنيات مميزة منها Jealous Guy، وHow.

خلال السبعينات بدأ لينون نشاطه السياسي، وتعاون مع زوجته يوكو أونو في العديد من الأنشطة والاحتجاجات من أجل السلام، وحقوق الإنسان، وصدرت العديد من الأغنيات التي تعبر عن هذه الأنشطة، منها Power to the People، وGive Peace a Chance.

أصدر كذلك ألبوم Some Time in New York City، وتناول فيه موضوعات سياسية واجتماعية مختلفة، منها حقوق المرأة، والعنصرية، إلا أن هذا الألبوم لم يحقق نجاحًا كبيرًا، ولكنه كان مهمًا في مسيرته الفنية كناشط سياسي.

صدر له كذلك ألبوم Mind Games، وألبوم Walls and Bridges، وآخر ألبوم قدمه كان ألبوم Rock 'n' Roll، وتضمن إعادة تسجيل أغانيه الكلاسيكية خلال فترة شبابه، ولم يظهر بعدها للجمهور، للتركيز على حياته العائلية، وخاصة بعد ولادة ابنه شون عام 975.

إلا أنه في عام 1980 عاد مجددًا إلى الأضواء من خلال ألبوم Double Fantasy بعد 5 سنوات من التوقف، وتعاون فيه مع زوجته يوكو أونو، وقدم عدة أغنيات لاقت استقبالًا إيجابية، وكان بمثابة عودة قوية، إلا أنه قتل في ديسمبر عام 1980، وكانت وفاته المبكرة صدمة كبيرة لجمهوره ومحبيه من حول العالم.

لماذا اغتيل جون لينون؟

في 8 ديسمبر عام 1980 توفي المغني العالمي جون لينون أمام منزله في مبنى "ذا داكوتا" في نيويورك على يد الشاب الأمريكي مارك ديفيد تشابمان، والصادم في هذه الحادثة هو دافعه لارتكاب الجريمة، فقد كان يبحث فقط عن الشهرة!.

كان تشابمان يعاني من اضطرابات نفسية، وأدخل إلى مصحة نفسية قبل عدة سنوات من حادثة الاغتيال، وقيل إنه كان يسمع أصواتًا داخل رأسه، ويعاني من أفكار مضطربة حول لينون وشخصيات أخرى.

في البداية كان تشابمان مهووسًا بلينون، إلا أن الإعجاب الشديد تحول في النهاية إلى كراهية شديدة، وكان يشعر بخيبة أمل كبيرة تجاه لينون، معتقدًا بأنه يعيش حياة مليئة بالنفاق.

كان تشابمان غاضبًا أيضًا من تصريحات لينون السابقة التي قال فيها "البيتلز أشهر من المسيح" وهو التعليق الذي أثار جدلًا واسعًا في الستينات.

حمل تشابمان نسخة من رواية "الحارس في حقل الشوفان"، وهي الرواية التي ألهمته لارتكاب الجريمة، وأطلق على جون لينون 5 طلقات، أصابت أربع منها لينون، مما أدى إلى وفاته في النهاية.

بعد إطلاق النار، لم يحاول تشابمان الهروب، وبدلًا من ذلك جلس بهدوء في مكان قريب من الحادث، وبدأ في قراءة الرواية حتى وصلت الشرطة واعتقله، وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة، وقدم العديد من طلبات الإفراج المشروط، ولكنها رفضت جميعًا.

رغم وفاته المبكرة، ترك لينون إرثًا موسيقيًا هائلًا. أغانيه وكلماته ورسائله عن السلام والحب ما زالت تُلهم الأجيال الجديدة، وتحتفظ بمكانتها كأيقونات في عالم الموسيقى والثقافة.