جورج صليبا

يعد المفكر والمؤرخ اللبناني جورج صليبا واحد من أكثر المؤرخين اهتماماً بتاريخ العلوم الإسلامية، وخاصة علم الفلك، وله في ذلك مؤلفات عديدة باللغتين العربية والإنجليزية، والعديد من المقالات في المجالات الأكاديمية الدولية، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.

من هو جورج صليبا؟

هو مفكر لبناني الأصل مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية ولد في عام 1939 في لبنان، وهو أستاذ العلوم العربية والإسلامية في جامعة كولومبيا نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1979.

درس جورج في الجامعة الأمريكية في بيروت، وحصل على بكالوريوس علوم في الرياضيات عام 1963، ثم ماجستير في الآداب عام 1956، وبعدها حصل على درجة الماجستير في اللغات الشرقية والعلوم الإسلامية من جامعة كاليفورنيا بركلي، وفي عام 1974 حصل على دكتوراه في العلوم الإسلامية من الجامعة نفسها.

تولى جورج طوال حياته العديد من المناصب الهامة، فهو أستاذ في جامعة كولومبيا، وكان زميلًا باحثًا في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفرد.

أصدر العديد من المؤلفات التي تهتم بالعلوم الإسلامية، وحصل على العديد من الجوائز الأكاديمية، وحققت مؤلفاته صدى واسعاً في الأوساط الأكاديمية، في عام 2005 تم تعيينه مستشار متميز في مركو كون جلوج للدراسات الإنسانية. جورج أيضًا هو مدير مركز فاروق جبر للعلوم والفلسفة العربية الإسلامية.

جوائز حصل عليها

حصل المفكر جورج صليبا على العديد من الجوائز، منها جائزة تاريخ العلوم التي تمنحه الأكاديمية العالمية للعلوم، وذلك في عام 1993، كما حصل على جائزة تاريخ الفلك عام 1966 من مؤسسة الكويت لتنمية العلوم.

أبحاث جورج صليبا

يدرس صليبا تطور الأفكار العلمية من العصور القديمة المتأخرة حتى العصر الحديث، مع تركيز خاص على النظريات الكوكبية المختلفة التي تم تطويرها داخل الحضارة الإسلامية وتأثير مثل هذه النظريات على علم الفلك الأوروبي المبكر.

وقد كشف عن مسارات نقل علم الفلك الإسلامي إلى أوروبا في عصر النهضة، وكان التركيز الرئيسي لأبحاثه على الروابط بين علماء الفلك الإسلاميين وكوبرنيكوس، وقد نشر كتابه "العلم الإسلامي وصناعة النهضة الأوروبية" بلغات متعددة بما في ذلك العربية والإنجليزية والتركية.

ويقول صليبا عن دراسته أنه ركز في دراسته تنمية الأفكار العلمية في الفترة من أواخر العصور القديمة حتى أوائل العصر الحديث، كما ركز على النظريات التي واكبت الحضارة الإسلامية، وتأثيرها على علم الفلك في أوروبا.

قام صليبا كذلك بعمل أبحاث عدة حول إمكانية نقل العلوم المعرفية في الرياضيات والفلك من عالم الإسلامي إلى أوروبا وذلك خلال القرنين الخامس عشر، والسادس عشر.

كتب جورج صليبا

للمفكر جورج صليبا العديد من المؤلفات ومئات المقالات التي نشرت في المجلات الأكاديمية، ومن أشهر مؤلفاته "العلوم الإسلامية وقيام النهضة الأوروبية" الذي صدر باللغة الإنجليزية وتمت ترجمته إلى عدة لغات منها العربية.

وفي هذا الكتاب يناقش جورج صليبا نشأة العلوم في الحضارة الإسلامية، التي اعتبرها قوام هذا التراث الحضاري، كما يفسر نشأة هذه العلوم من خلال المصادر التاريخية، ويرى صليبا في كتابه أن الأعمدة الرئيسية لنشأة هذا التراث كانت خلال الفترة الأموية، وتحديدًا خلال خلافة عبد الملك بن مروان بالذات.

بالإضافة إلى ذلك يتبع الكتاب قراءة المؤرخ محمد بن أبي يعقوب النديم، ويربط تأريخ نشأة العلوم المباشر بإصلاحات عبد الملك، ويشرح كيف أدت هذه الإصلاحات إلى نشأة الحركات الشعبية وكيف كان تعريب الديوان الحافز للترجمات العلمية والفلسفية اللاحقة.

يستكشف الكتاب أيضًا كيف جاءت الخلافة العباسية لتحصد ثمار هذا التنافس وتتابع استثماره لتقيم نهضة لم يعرف العالم مثيلاً لها من قبل، ويسعى صليبا من خلال هذا الكتاب لاقتراح علم تاريخ جديد يمكن أن يقدم تفسيرًا أفضل للتطورات العلمية في الحضارة الإسلامية.

من كتبه المميزة أيضًا كتاب "تاريخ علم الفلك العربي" وهو تحقيق من كتاب الهيئة لمؤيد الدين العرضي، ويتحدث فيها عن الهيئة الشائعة التي تداولها الفلكيون العرب خلال فترة القرون الوسطى حول الفلك.

من مؤلفاته أيضًا كتاب "معالم الأصالة والإبداع في الشروح والتعاليق العلمية المتأخرة"، والكتاب في أصله هي عبارة عن محاضرة ألقاها جورج صليبا باللغة الإنجليزية، ونشرت على شكل كتيب صغير، وتم ترجمتها إلى العربية.

ومن خلال هذا الكتاب يشير صليبا إلى أن المؤرخين اجتهدوا في تقسيم التاريخ الفكري للحضارة الإسلامية إلى أربع مراحل كبرى، وهي مرحلة أولى قبل ظهور الإسلام وتتزامن مع نشأته، ومرحلة ثانية بداية من نشأة الإسلام وتنتهي بقيام الدولة العباسية، ومرحلة ثالثة سميت ب"عصر الإسلام الذهبي" بداية من قيام الدولة العباسية حتى نهايتها على يد المغول.

أما المرحلة الرابعة فقد أطلق عليها مرحلة "عصر الانحطاط" وقد اختلفت الأسباب حول اختيار هذه التسمية، ويتحدث صليبا في كتابه عن آراء ومذاهب المؤرخين حول هذه المرحلة، وأسباب كل مؤرخ، ويعترض أحيانًا على بعض الآراء ويحاول تصويبها وتصحيحها.

كتاب الفكر العلمي العربي

ومن أهم كتب جورج صليبا  كتاب "الفكر العلمي العربي"، ويتناول هذا الكتاب محاولة جديدة لدراسة تاريخ العلوم العربية، ويحاول صياغة منهجية جديدة لحل المعضلات التي لا تزال تستمر في هذا المجال.

يتناول الكتاب العديد من القضايا المتعلقة بتاريخ العلوم العربية، وينتقد النظريات الشائعة في سياسات تاريخ العلوم عاقة، كما يدرس علاقة هذه العلوم بالمرافق الحضارية التي نشأت في رحابها، ويناقش النظريات المتعلقة بإنجازات الحضارة العربية العلمية ومدى تأثيرها على الحضارات الأخرى، وبخاصة الأوروبية.

ويتناول الكتاب أيضًا القضية الأكثر تعقيداً وأهمية بالنسبة إلى تاريخ الحضارة العربية الفكري، وهي قضية انحطاط الإنتاج العلمي العربي والعصور التي تم فيها والسبب الذي دعا إلى ذلك، وذلك على ضوء الدراسات الحديثة والنتائج التي تم التوصل إليها مؤخراً.

وبشكل عام، يهدف الكتاب إلى إعادة النظر في العملية ذاتها لكتابة تاريخ العلوم العربية وتوفير منهجية جديدة تساعد على فهم هذه الحضارة بشكل أفضل.