"سنعاني لسنوات حتى نحقق النجاح … وكلما عانينا أكثر كلما نجحنا أكثر".. هذا هو الشعار الذي قامت عليه الإمبراطورية الصينية علي بابا لمؤسسها جاك ما، الذي لم يحالفه الحظ لسنوات، وكادت الأزمات المالية والداخلية أن تقضي على حلمه قبل أن يعرف طريق النجاح، ولكن وحده هو الإصرار الذي دفعه للاستمرار وأن يثبت للجميع أنه كان محقا.
فنظرته الثاقبة أثبتت صحتها، واستطاع أن يكون أول صيني يظهر على غلاف مجلة فوربس الأمريكية، "علي بابا" كيان كبيرة ورآه قصة نجاح مبهرة، ومرات عديدة من الفشل وعدم التوفيق، مسيرته وأبرز المعلومات عن حياته في السطور التالية...
جاك ما، وُلد جاك ما 1964 في مدينة هانغتشو بالصين، ونشأ في أسرة فقيرة خلال الثورة الثقافية، عندما زار الرئيس ريتشارد نيكسون مدينة هانغتشو في عام 1972، أذهله العالم الغربي، وبدأ وهو طفل صغيراً، زيارة الفنادق التي أقام فيها السياح الأمريكيون لتعلم اللغة الإنجليزية، وكان في مقابل ذلك يعمل إليهم كمرشد سياحي للتجول في المدينة، حتى إنه حصل على اسمه الإنجليزي "جاك" من خلال صداقته مع سائح.
رسب جاك ما مرتين في امتحان القبول بالجامعة، وسجل أقل من 1% في الرياضيات، ولكن في النهاية، نجح في الدراسة وبدأ في دراسة اللغة الإنجليزية في معهد Hangzhou للمعلمين، بعد التخرج بنجاح، تقدم بطلب للحصول على 30 وظيفة مختلفة ورفضه الجميع. كما تقدم لشغل منصب في قوة الشرطة، لكن قوبل بالرفض وقيل له إنه "ليس جيدًا". أخيرًا وبعد معاناة لم يتخللها اليأس، وجد وظيفة كمدرس للغة الإنجليزية، يتقاضى راتباً ضئيلاً قدره 12 دولارًا في الشهر.
في ذلك الوقت بدأ في اكتشافه لذلك العالم المذهل الذي يسمى الإنترنت، رغم أنه لم يكن مهتماً بالتكنولوجيا إلا أنه بعد أن عرض عليه أحد طلابه طريقة البحث لمعت الفكرة في ذهنه وقرر تأسيس شركة لخدمات الترجمة وزار الولايات المتحدة كمترجم، ولكن عدم انتشار الإنترنت لم يكتب لها النجاح.
أثناء بحثه على الإنترنت جاءت إليه فكرة إنشاء متجر على الإنترنت "Chinapage"، أدرجت الصين العديد من الشركات والمنتجات الصينية عليه، وتسبب هذا في تدفق رسائل البريد الإلكتروني من الأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين يسعون إلى تكوين شراكات، من أجل التوسع والحصول على المزيد من التمويل، قرر الدخول في شراكة مع شركة حكومية، لسوء الحظ، اكتسبت تلك الشركة سيطرة الأغلبية على مشروعه، قرر ترك الشركة لأن الروتين الحكومي خنق رؤيته وأفكاره.
بعد ذلك تولى وظيفة حكومية في وزارة التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي، من خلال ذلك، بنى علاقات مع أشخاص عالميين مثل أحد مؤسسي موقع Yahoo جيري يانغ.
![جاك ما Jack Ma مؤسس علي بابا]()
في عام 1999 ترك الوظيفة الحكومية، بعد ذلك، جمع "جاك" جمع أصدقائه المقربين وأقام سوقًا عبر الإنترنت للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم لتأمين التمويل للأعمال، وسافر"جاك" إلى وادي السيليكون في الولايات المتحدة وعرض فكرته. لسوء الحظ، تم رفض فكرته وانتقادها لكونها غير مربحة وغير مستدامة، ولكن من خلال المثابرة، حصل في النهاية على تمويل بقيمة 5 ملايين دولار أمريكي من بنك جولدمان ساكس و 20 مليون دولار أمريكي من سوفتبانك.
ومع ذلك، في عام 2003، لم يكن المستقبل يبدو مشرقًا لشركة علي بابا، حيث فشلت الشركة في تحقيق أي إيرادات خلال السنوات الثلاث الأولى، وواجه الإفلاس في غضون ثمانية عشر شهرًا، وكانت الشركات الصينية والسلطات الحكومية متشككة بشأن فكرة إنشاء سوق على الإنترنت، كما واجه "جاك" مشاكل داخلية داخل علي بابا.
فكان جزء من رؤيته يتطلب بأن تنمو الشركة وتجذب المواهب الشابة الخارجية، وقصر ترقيات شركائه في المشروع على الرتب فوق أدوار المدير، وأدى ذلك إلى خلاف بين زملائه الذين انتهى بهم الأمر بالخروج عليه.
حتى الآن لم يكن النجاح عرف طريق "جاك"، ولكنه بالإصرار والعمل تمكن من التعافي من هذا وتوحيد فريقه المتبقي لدفع علي بابا إلى الأمام. لقد تحدوا الأعمال التجارية القائمة على الإنترنت مثل eBay وما إلى ذلك. في غضون خمس سنوات، تمكن Ma و Alibaba من إخراج eBay من الأعمال التجارية في الصين. بمساعدة مزيد من التمويل، توسعت Alibaba ونمت في السوق الخارجية.
في عام 2014، دخلت علي بابا التاريخ من خلال أكبر اكتتاب عام في العالم حتى الآن، واصلت الشركة النمو، وتوسيع نطاق عملياتها في مختلف الصناعات، حتى أصبحت اليوم، علي بابا هي واحدة من أكبر التكتلات في العالم.
وفي عام 2018 أعلن جاك ما مؤسس علي بابا استقالته من منصب الرئيس التنفيذي لمؤسسة علي بابا متجه للأعمال الخيرية، ورغم أنه استقال عن عمر يناهز 54 عاما، فقال "لا يزال لدى الكثير من الأحلام التي أسعى لتحقيقها، أولئك الذين يعرفونني يعرفون أنني لا أحب أن أجلس مكتوفي الأيدي، العالم كبير، وما زلت شابًا، لذلك أريد تجربة أشياء جديدة".
تبلغ القيمة السوقية لشركة علي بابا اعتبارًا من 15 فبراير 2022 330.51 مليار دولار. وبلغ إجمالي المعاملات على مواقعها على الإنترنت 248 مليار دولار العام الماضي، أي أكثر من تلك الخاصة بـ eBay و Amazon. Com مجتمعين.
ولم تكتفي علي بابا بالتجارة الإلكترونية، ولكن قامت بعدد من عمليات الاستحواذ على عدد من الشركات لتوسيع نطاقها وهي،
Youku Tudou Inc
نوع العمل: شركة ترفيه ووسائط متعددة الشاشات، في عام 2014 اشترت علي بابا بـ 1.1 مليار دولار أمريكي لحصة 16.5%؛ في أبريل 2016، أكملت Alibaba الاستحواذ على Youku من خلال شراء جميع الأسهم المتبقية المصدرة والقائمة مقابل 4.4 مليار دولار. يحتفظ صندوق Yunfeng بحصة الأقلية 7%.
Alibaba Pictures Group (formerly ChinaVision Media)
شركة أفلام استحوذت عليها علي بابا في يونيو 2014، بمبلغ 804 ملايين دولار.
South China Morning Post (SCMP)
The South China Morning Post هي صحيفة تصدر باللغة الإنجليزية ومقرها في هونغ كونغ وتأسست عام 1903، وسعر الاستحواذ: 266 مليون دولار.
Lazada Group
وهي منصة للتجارة الإلكترونية يقع مقرها الرئيسي في سنغافورة، استحوذت عليها علي بابا في 2016، وسعر الاستحواذ: 1.0 مليار دولار (حصة 54%).
تقدم الشركة الفرعية للتجار والعلامات التجارية سوقًا شاملاً مع إمكانية الوصول إلى المستهلكين في ست دول في جنوب شرق آسيا (إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام) مع قاعدة مستخدمين تقدر بـ 200 مليون.
In time Department Store
مشغل متجر متعدد الأقسام
تم شراء حصة أولى منه بمبلغ 692 مليون دولار، وفي 2017 تم الاستحواذ على 74% منه بقيمة 2.6 مليار دولار.
Sun Art Retail Group Ltd.
هايبر ماركت تم شراء حصة أولى منه في 2017 بقيمة 2.9 مليار دولار، وفي 2020 تم الاستحواذ بنسبة 72% بسعر 3.6 مليار دولار.
ولعل قصة علي بابا ومؤسسها جاك ما أكبر دافعاً لكل من ساء حظه عدة مرات، فلولا أحلامه لما حقق هذه الإمبراطورية الكبيرة، وكما قال هو فإن "الأحلام هي التي تجعلنا نعمل بجد ولا نخاف من الأخطاء".
