يملك الصحفي السعودي الراحل تركي السديري رمزية تاريخية في الصحافة السعودية، فهو أحد أهم مؤسسي الصحافة الحديثة في السعودية، وكان له دور بارز في حماية الصحافة هناك، فكان صاحب رؤية متفردة وتمسك بالمهنية الصحفية التي فتحت باب التطور لهذا المجال، في السطور التالية تعرف على مسيرته المهنية وأهم إنجازاته.
تركي بن عبد الله بن ناصر السديري هو صحفي وكاتب ورئيس تحرير سابق سعودي ولد في في 16 شوال عام 1436 هـ الموافق عام 1944 م في مدينة الغاط التابعة لمنطقة الرياض في المملكة العربية السعودية.
عاش السديري يتيما وفقيرًا وتلقى تعليمه في مدينة الرياض، ثم درس بعد ذلك في جامعة الرياض ولكنه لم يكمل دراسته الجامعية، إذ قرر الانضمام إلى النادي الأهلي، وبعدها أصبح في مكتب سكرتارية النادي، ولكنه تركها سريعًا واتجه إلى العمل في الصحافة.
كرس السديري وقته للقراءة وتطوير ملكة الكتابة لديه، فعكف على قراءة مؤلفات توفيق الحكيم، ويوسف السباعي، والمنفلوطي، ومحمود تيمور، ولم تقتصر قراءاته على الأدب العربي فقط، وإنما أبحر في الأدب الروسي وقرأ دستوفسكي، وبوشكين، وتيشيخوف.
زوجة تركي السديري
تزوج السديري من سيدة غير معروفة وأبناء تركي السديري هم مازن، وأسامة، ومحمد.
![تركي السديري Turki Alsidiri عميد الصحافة السعودية]()
كانت بداية تركي السديري كصحفي في صحيفة الجزيرة، وتقلد كذلك مناصب عدة في مؤسسة اليمامة الصحفية وبعدها انتقل للعمل كمحرر رياضي في جريدة الرياض.
وبعدها تدرج من محرر رياضي إلى محرر سكرتير المحليات، وبعدها ترقى ليصبح سكرتيرًا للتحرير وأخيرًا تولى منصب رئاسة تحرير جريدة الرياض لأكثر من 40 عامًا.
وفي جريدة الرياض كتب السديري مقالات رياضية إبداعية وتميزت مقالاته بالأسلوب الأدبي الجميل، ولم يكتفِ بذلك، بل تجلت موهبته حينما أجرى لقاءات صحفية مع شخصيات سياسية رفيعة مثل الملك عبد العزيز والشيخ زايد رحمه الله.
ابتكر السديري كذلك زاوية شبه يومية أطلق عليا اسم "لقاء" وتعد الزاوية الأطول عمرًا في تاريخ الصحافة السعودية، إذ ظل يكتبها لمدة 43 عامًا، حيث رأت هذه الزاوية النور عام 1392 هـ الموافق 1972 م في العدد 2300 من جريدة الرياض وكان في الثلاثين من عمره.
ومنذ ابتكار هذه الزاوية أصبح بمثابة النافذة التي يمكننا من خلالها معرفة التحولات والتطورات التي حدثت في المجتمع السعودي والعربي، ووصفها الكثير من الباحثين مثل عبد الله السمطي بأنها وثيقة تاريخية تتضمن عدة وقائع وتحليلات وخاصة على المستوى السياسي.
لم تكن جريدة رياض المسؤولة عن نشر زاوية "لقاء" فقط، وإنما انطلقت عدة جرائد في نشر زاوية "لقاء" يوم صدورها في جريدة الرياض، فكانت جريدة "صحف" في لندن"، وجريدة "الأيام" في البحرين، وجريدة "الراية" في قطر تنشر هذه الزاوية باستمرار.
![تركي السديري Turki Alsidiri عميد الصحافة السعودية]()
وفي عام 2005 تم انتخابه كأول رئيس لاتحاد الصحافة الخليجية وظل في هذا المنصب حتى وفاته عام 2017، كذلك كان عضو في مجلس إدارة مؤسسة يمامة الصحفية.
شغل السديري كذلك منصب رئيس اللجنة التأسيسية لهيئة الصحفيين السعوديين، وتم انتخابه رئيسًا للهيئة مرتين.
وبجانب مقالاته السياسية والرياضية، اشتهر السديري بتأليفه مجموعات قصصية قصيرة، وصدرت أولى مجموعاته القصصية عام 1999 باسم "حادي بادي" والتي صدرت عن النادي الرياضي الأدبي.
أصدر بعد ذلك مجموعته القصصية الثانية بعنوان "ناقة العوني" والتي صدرت عن دار الفرزدق في مدينة الرياض.
وفي عام 2012 ألّف كتاب تحت عنوان "الإسلام والرياض" وفيه تحدث عن الرياضة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
- قال في أحد التصريحات إنه تم اختياره كمرشح ثالث لتولي رئاسة التحرير في صحيفة الرياض، ولكن وقع الاختيار عليه ليتولى هذا المنصب، وتفاجئ كثيرًا بعد هذا القرار.
- حصل على جائزة الصحافة العربية فئة أفضل عمود صحفي عام 2010، وذلك في حفل كبير في مدينة دبي، وتم اختياره بين عدد كبير من الكتاب الخليجيين والعرب.
- خشي من منافسة الإعلام المصري الرياضي.
- وصفه الأستاذ حسن المستكاوي بأنه صانع الصحافة الرياضية الخليجية.
- عرف بحبه الكبير للشعري سواء الشعر الفصيح أو النبطي، وتأثر في ذلك بوالدته التي كانت تحب نظم الشعر.
- أصيب بالسرطان قبل أعوام كثير من وفاته، ولكنه تمكن من العلاج بعد الاعتماد على نظام غذائي صحي مكون من الخضار المسلوق بكميات قليلة والأرز أيضًا.
- على الرغم من شهرته فقد سببت بعض مقالاته عدة مشكلات، ومنها مقالة "لماذا لا يعود لبنان إلى سوريا، وذلك بعد ساعات من عودة خادم الحرمين الشريفين من سوريا وذلك في عام 1430 هـ، حيث رأى أن سوريا الأصل ولبنان الفرع.
- تسببت هذه المقالة في جدل كبير، وحاول في اليوم التالي تدارك ما قاله بمقالة أخرى ثم أعقبها مقالًا آخر يعتذر عما كتبه.
- كان السديري صحفيًا مفوه وطلق اللسان، وتميز بسرعة البديهة، وكان يهتم كثيرًا بجيل الشباب من الصحفيين، ونظم العديد من ورشات العمل لتكوين جيل جديد من الصحفيين الشباب في الخليج العربي.
- تعرض لمشكلة أخرى أدت إلى إيقاف جريدة الرياض بعد انتقاد السديري لوزير الإعلام، ولكن بعد مساعي حثيثة تم إلغاء هذا القرار.
- عمل كرئيس تحرير جريدة الرياض لمدة 41 عامًا من عام 1349 هـ حتى قبول استقالته بتاريخ 16 شوال عام 1436 هـ.
![تركي السديري Turki Alsidiri عميد الصحافة السعودية]()
كان يُعاني السديري قبل وفاته من مشكلات صحية مرهقة، وكشف ابنه مازن عن تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة والده، إذا كان يحب أن يقرأ جريدة الرياض، وكان يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم.
رحل السديري عن عالمنا يوم الأحد 18 شعبان عام 1438 هـ الموافق 14 مايو عام 2017 م عن عمر 73 عامًا، وبعد وفاته نعاه الكثير من الصحفيين والشخصيات البارزة في الخليج.
فبعد وفاته قال جمال الياقوت عضو هيئة الصحفيين السعوديين في نعيه للسديري إنه قامة من القامات الصحفية والأدبية على مستوى الوطن العربي، وأنه كان كريمًا في عطاءاته ودعم الصحافة طوال مسيرته المهنية.
