يعد الإعلامي والمعلق السياسي الأمريكي تاكر كارلسون من أكثر الشخصيات الإعلامية إثارة للجدل في الولايات المتحدة، فقد عمل لسنوات لصالح قناة فوكس نيوز الأمريكية إلا أنه طُرد منها ليؤسس مؤسسته الإعلامية الخاصة ويكمل مسيرته الإعلامية التي يعبر فيها عن رأيه السياسي بشكل صريح.
من هو تاكر كارلسون؟
تاكر سوانسون ماكنير كارلسون هو مذيع يميني أمريكي ولد في 26 مايو عام 1969 في سان فرانسيسكو وقد اشتهر بفضل برنامجه المسائي "تاكر كارلسون الليلة" الذي قدمه على قناة فوكس نيوز من عام 2016 إلى 2023.
استضاف كارلسون العديد من الشخصيات السياسية البارزة في برنامجه، ويعرف بأنه من أشد المدافعين عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ويوصف متابعوه بأنه "ترامبي" وأنه الصوت الأكثر تأثيرًا في وسائل الإعلام اليمينية.
بدأ كارلسون مسيرته الإعلامية في الصحافة وكتب في عدد من المجلات ثم اتجه بعدها إلى التلفزيون وعمل في عدة قنوات منها CNN، وقناة MSNBC، ثم قناة فوكس نيوز، وقد ألف العديد من الكتب السياسية التي عبر فيها عن آرائه اليمنية المحافظة.
يعرف كارلسون بآرائه المثيرة للجدل، حيث ينشر أفكاره اليمينية المتطرفة في السياسة والخطاب، كما أنه يروح لنظريات المؤامرة حول عدة قضايا منها الأسلحة البيولوجية والاستبدال الديموغرافي وكوفيد 19 وغيرها.
يوصف كارلسون كذلك بأنه عنصري ومتحيز جنسي ويعرف أيضًا بآرائه العنصرية تجاه العرق والهجرة والنساء، وفي عام 2024 أصبح أول صحفي غربي يجري مقابلة مع بوتين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.
نشأته وتعليمه
ولد تاكر كارلسون في سان فرانسيسكو في عائلة إعلامية، فوالده كان مراسلًا صحفيًا وأصبح مديرًا لصوت أمريكا ورئيس مؤسسة الإذاعة العامة، كما كان سفيرًا للولايات المتحدة في سيشل.
لدى كارلسون شقيق اسمه باكلي بيك يعمل كمدير اتصالات وناشط سياسي في الحزب الجمهوري. انفصال والديه عام 1976 وحصل والده على الحضانة، بينما سافرت والدته إلى فرنسا عندما كان عمره 6 سنوات ولم يرها منذ ذلك الوقت.
درس كارلسون في عدة مدارس منها مدرسة سانت جورج الداخلية الثانوية، وفيها تعرف على زوجته المستقبلية سوزان أندروز التي تكون ابنة مدير المدرسة. درس بعدها في كلية ترينيتي وتخرج عام 1991 بدرجة البكالوريوس في التاريخ.
بعد التخرج حاول الانضمام إلى وكالة المخابرات المركزية ولكنه رفض فقرر ممارسة مهنة الصحافة بتشجيع من والده.
زوجة تاكر كارلسون
تزوج تاكر كارلسون من سوزان طومسون، وتعرف عليها في مدرسة سانت جورج حيث كانت ابنة مدير المدرسة، وقد تزوجا في عام 1991 في كنيسة المدرسة ولديه منها 4 أطفال وهم باكلي، وهوبي ودوروثي وليلي.
ديانة تاكر كارلسون
نشأ تاكر كارلسون في عائلة مسيحية وقد تم تعميده باعتباره أسقفيًا ولكنه أوضح أنه نشأ في ظل معتقدات علمانية ونسب الفضل إلى عودته إلى الدين لزوجته. في عام 2013 أعلن أنه لا يزال ينتمي إلى الكنيسة الأسقفية رغم أنه يحتقرها في الكثير من النواحي.
أعلن تاكر كذلك معارضته لدعم الكنيسة لزواج المثليين وحقوق الإجهاض، ولكن رغم ذلك أكد أنه يحب القداس.
![تاكر كارلسون.. رحلة مقدم برامج أمريكي مثير للجدل]()
بدايته المهنية في الصحافة
بدأ الإعلامي اليميني تاكر كارلسون مسيرته المهنية في الصحافة، فعمل كمدقق حقائق في مجلة Policy Review، وبعدها عمل في عدة صحف أمريكية منها صحيفة أركنساس ديموقراط، وصحيفة ويكلي ستاندرد الإخبارية، ثم انضم إلى جريدة ذي أمريكان سبيكتور
عمل كذلك في عدد من الصحف الأخرى منها صحيفة "توك"، ومجلة نيويورك ومجلة ريدرز دايجست وديلي بيست وذا وول ونيويورك تايمز.
أجرى تاكر حوارات صحفية مع شخصيات سياسية بارزة منها جورج دبليو بوش كما أنه كان مصدر إلهام للعديد من الصحفيين والإعلاميين منهم مايكل إيسيكوف ومايكل وولف وبريان ستيلتر وغيرهم.
من الصحافة إلى التلفزيون
في عام 2000 وبعد سنوات من العمل الصحفي اتجه تاكر كارلسون إلى التلفزيون من خلال قناة CNN واستضاف برنامج قصير The Spin Room وأجرى فيها حوارات مع شخصيات عدة أبرزها بريتني سبيرز.
خلال تقديم هذا البرنامج تعرض تاكر لانتقادات حدة بسبب آرائه اليمينية المتشددة ومهاجمته الصريحة للتيار اليساري. في عام 2004 انتقل إلى قناة PBS وقدم فيها برنامج Tucker Carlson: Unfiltered لموسم واحد فقط.
في عام 2005 ولمدة 3 أعوام قدم برنامجه المسائي الشهير The Situation With Tucker Carlson على قناة MSNBC ولكن تم إلغاء البرنامج عام 2008 بسبب التقييمات المنخفضة له واستمر في العمل مع الشركة كمراسل للأخبار السياسية.
في عام 2009 انضم إلى قناة فوكس نيوز الأمريكية وقدم فيها عددًا من البرامج الناجحة، ومنها برنامج Red Eye وهو برنامج حواري ساخر، أيضًا هو من أدار المناظرة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وميت رومني عام 2012.
في عام 2013 شارك في تقديم برنامج Fox & Friends Weekend، ومنذ عام 2016 شارك في تقديم أشهر برامجه على الإطلاق على لقناة وهو برنامج " تاكر كارلسون الليلة" الذي ظل يقدمه منذ عام 2016 حتى عام 2023 وحقق مشاهدات ضخمة.
![تاكر كارلسون.. رحلة مقدم برامج أمريكي مثير للجدل]()
برنامج "تاكر كارلسون الليلة"
كان برنامج "تاكر كارلسون الليلة" من أشهر البرامج السياسية التي عرضت في الولايات المتحدة، وقد تم بث الحلقة الأولى في شهر نوفمبر عام 2016 عى قناة فوكس نيوز الأمريكية.
ناقش تاكر في البرنامج مجموعة من القضايا السياسية والثقافية وروج فيها لأفكاره اليمينية المحافظة وتضمنت بعض الموضوعات الهجرة والتجارة والحرة والعلاقات الخارجية والنساء واليسار المتطرف. في عام 2019 حصل البرنامج على جائزة إيمي "أفضل برنامج حواري إخباري".
كان البرنامج يحقق عائدات مالية ضخمة بسبب المشاهدات العالية، فقد كان يجذب ما يصل إلى 3 ملايين مشاهدة على الهواء مباشرة، لذا يعد برنامجه الأعلى مشاهدة في الولايات المتحدة، وكان يحقق ما يصل إلى 77.5 مليون دولار في العام من عائدات الإعلانات فقط.
برنامج Patriot Purge
في عام 2021 أنتجت شبكة فوكس نيشون سلسلة وثائقية تلفزيونية بعنوان برنامج Patriot Purge من تقديم تاكر كارلسون ويقدم البرناج وجهة نظر ناقدة للأحداث التي وقعت خلال اقتحام مبنى الكابيتول في شهر يناير عام 2021 والتي أثرت بشكل كبير على الساحة السياسية الأمريكية.
تقدم السلسلة وجهة نظر مثيرة للجدل تفسر الأحداث كجزء من مؤامرة أو "تطهير" تستهدف المحافظين الأمريكيين. تتناول السلسلة تاريخ العنف السياسي في الولايات المتحدة وتسلط الضوء على العوامل التي أدت إلى الاقتحام، مثل التأثيرات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي شكلت البيئة التي نشأت فيها هذه الأحداث.
وقد تلقى البرنامج انتقادات شديدة بسبب تقديمها معلومات مثيرة للجدل وتروج لنظريات المؤامرة ولم يتم التحقق منه بشكل كافٍ.
![تاكر كارلسون.. رحلة مقدم برامج أمريكي مثير للجدل]()
طرده من فوكس نيوز
إلا أن هذا النجاح لم يستمر طويلًا إذ أعلنت القناة عن إلغاء البرنامج وطردت تاكر كارلسون كذلك عام 2023 بسبب تصريحاته المثيرة للجدل التي سببت مشكلات مالية للقناة.
وقد جاءت الإقالة بعدما اضطرت شبكة فوكس نيوز أن تصل إلى تسوية مالية لشركة "دومنيون" لأجهزة التصويت قدرت ب787.5 مليون دولار بعدما رفعت دعوى تشهير على القناة، حيث روجت القناة ادعاءات ترامب بأن بايدن سرق الانتخابات وزورها عام 2020.
وكان تاكر كارلسون حينها سببًا في ترويج نظرية المؤامرة تلك، أيضًا واجه خلال تقديم البرنامج مقاطعة إعلانية عام 2018 بسبب تصريحاته عن المهاجرني الذين وصفهم بأنهم "أكثر قذارة وانقسامًا".
من فوكس نيوز إلى منصته الخاصة
بعد إلغاء برنامجه على قناة فوكس بدأ تاكر في تقديم حلقات خاصة به على منصة إكس، تويتر سابقًا، وقدم برنامج بعنوان Tucker on Twitter وأجرى فيها حوارات عدة وأوضح أن المنصة هي أكثر منصة تسمح حرية التعبير.
وقال في أول حلقة له على برنامجه الذي قدمه على تويتر: "قيل لنا إنه لا يوجد رقابة هنا، إذا تبين أن هذا غير صحيح، فسوف نغادر. لكن في غضون ذلك، نحن ممتنون لوجودنا هنا"، وقد حصدت الحلقة على أكثر من 70 مليون مشاهدة في اليوم الأول فقط.
حوار تاكر كارلسون مع بوتين
حوار تاكر كارلسون في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الأشهر على الإطلاق، حيث أصبح أول إعلامي غربي يجري حوارًا مع بوتين منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية.
تجاوز عدد مشاهدات المقابلة على منصة إكس 150 ميون مشاهدة خلال 24 ساعة ووضع أكثر من 860 ألف علامة أعجبني تم إعادة نشر المقابلة لأكثر من 260 ألف مرة، بينما تجاوزت مشاهدات الحلقة على يوتيوب حاجز ال8 ملايين مقابلة.
ولاء كارلسون لدونالد ترامب
يحظى تاكر كارلسون بشعبية واسعة ومتنامية لدى المحافظين اليمينيين نظرًا لدعمه القوي وتأييده لسياسات واتجاهات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
منذ ظهور ترامب السياسي خلال حملته الانتخابية لعام 2016، أعرب تاكر كارلسون عن دعمه لترشيح ترامب ولأفكاره المثيرة للجدل، مثل "حظر دخول مواطني دول مسلمة".
كما انتقد المرشحون الجمهوريون الآخرون لعدم جعل الهجرة قضية أساسية مثل ترامب، وأيد بناء الحاجز الفاصل عند الحدود المكسيكية الأميركية.
تشابه مواقف كارلسون مع ترامب تزايد بعد مقتل جورج فلويد في صيف عام 2020، حيث أثار شكوكًا حول نوايا المحتجين السود، وصرّح بأنهم "مجرمون" يهددون بالسرقة والاعتداء.
أيضًا، اتبع كارلسون مواقف ترامب المتشككة في فيروس كوفيد-19، إذ دعا في البداية لتناول اللقاحات لكنه بعد ذلك بدأ يشكك في شدة الفيروس ويعارض التدابير الاحترازية مثل ارتداء الأقنعة وتلقي اللقاحات.
بعد حادثة اقتحام مبنى الكابيتول في يناير 2021، نفى كارلسون وجود دليل يثبت تورط داعمي ترامب أو مؤيدي تفوق العرق الأبيض في ذلك الحادث.
وبسبب دعمه الشديد لترامب لا تتوقف الإشاعات بأنه ربما يكون خليفة ترامب في قيادة التيار اليميني، ويرى بعض النقاد بأن ترامب قد يستعين به ليكون نائبًا له في انتخابات 2024.
أيضًا عرف بتصريحاته المعادية للمرأة والإجهاض والمثلية الجنسية والسود، ورغم أنه مسيحيًا ويحضر إلى الكنيسة إلا أنه عارض موافقة الكنيسة لزواج المثليين والإجهاض.
أبرز آراء تاكر كارلسون
يعد تاكر كارلسون من أبرز الشخصيات الإعلامية في الولايات المتحدة وقد عرف بآرائه اليمينية المتطرفة التي أثارت الجدل، ومن أبرز آرائه التالي:
يدافع كارلسون عن القيم التقليدية المحافظة مثل دعم الاقتصاد الحر والحرية الفردية، ودعا إلى الحفاظ على التراث الثقافي والوطني للولايات المتحدة، ويعارض التغييرات الثقافية التي يعتبرها مهددة للهوية الأميركية التقليدية.
عرف أيضًا بانتقاده الشديد للهجرة غير المشروعة ويدعو إلى تطبيق قوانين الهجرة بشكل صارم، ويعارض السياسات الليبرالية التي تسعى إلى فتح الحدود وزيادة الهجرة.
اشتهر كارلسون بالترويج لنظريات المؤامرة، وقد شكّ في فعالية التدابير الاحترازية المتخذة لمكافحة جائحة كوفيد-19، مثل ارتداء الأقنعة والإغلاقات الاقتصادية، ويشدد على أهمية التوازن بين السلامة العامة وحرية الفرد.
أيضًا شك في وسائل الإعلام التقليدية، حيث كارلسون أن وسائل الإعلام التقليدية متحيزة وغالبًا ما تنشر معلومات مضللة أو مزيفة، ويدعو إلى زيادة الشفافية والمصداقية في التغطية الإعلامية.
![تاكر كارلسون.. رحلة مقدم برامج أمريكي مثير للجدل]()
كتب تاكر كارلسون
أصدر الإعلامي تاكر كارلسون 3 كتب، كتابه الأولى عام 2003 بعنوان "السياسيون والحزبيون والطفيليون: مغامراتي في أخبار الكابلات" وهو عبارة عن مذكراته الشخصية التي وصف فيها تجربته في التلفزيون والأخبار السياسية، ويقدم فيها رؤية داخلية لعمله الإعلامي وتفاصيل لتفاعلاته وعلاقاته مع السياسيين والمحللين والزملاء في المجال الصحفي.
كتابه الثاني صدر عام 2018 بعنوان: "سفينة الحمقي: كيف تدفع الطبقة الحاكمة الأنانية أمريكا إلى حافة الثورة" ويتحدث فيه عن الأسباب التي أدت إلى انقسام المجتمع الأمريكي وتعقيداته، وقدم فيها وجهة نظره فيما يتعلق بالفوارق الاقتصادية والثقافية واسياسية في البلاد، ويعد هذا الكتاب تحليلًا للطبقة الحاكمة في أمريكا ويقدم رؤية نقدية للسياسات والمؤسسات الإعلامية والدولية.
كتابه الأخير صدر عام 2021 بعنوان "الشريحة الطويلة: ثلاثون عامًا في الصحافة الأمريكية" ويقدم فيها نظرة شاملة عن مسيرته في الصحافة على مدى 30 عامًا وتحليلاته لتطورات الصحافة على مر السنين.
