

بوريس باسترناك.. عبقري الأدب الروسي الذي رفض جائزة نوبل
أديب
-
معلومات شخصية
-
الاسم الكامل
بوريس بيونيدوفيتش باسترناك
-
اسم الشهرة
بوريس باسترناك.. عبقري الأدب الروسي الذي رفض جائزة نوبل
-
الفئة
أديب,شاعر,كاتب
-
اللغة
الروسية
-
مكان وتاريخ الميلاد
موسكو
-
الوفاة
30 مايو 1960
موسكو -
التعليم
جامعي - جامعة ماربورغ
-
الجنسية
روسيا
-
بلد الإقامة
روسيا
-
الزوجة
إيفجينيا لوري (1922 - حتى الآن)زينايدا نوهاوس (1934 - حتى الآن)
-
سنوات النشاط
1917 - 1960
-
السيرة الذاتية
يعد الأديب والروائي الروسي بوريس باسترناك من أعظم الروائيين الروس في القرن العشرين، فقد امتزجت أعماله بالإحساس العميق والفلسفة الوجودية، واشتهر عالميًا بفضل روايته "دكتور جيفاكو"، والتي جعلته شخصية ناجحة، لكن مثيرة للجدل داخل الاتحاد السوفيتي، ليصبح اسمه رمزًا للتمرد الثقافي، في السطور التالية تعرف على مسيرته الأدبية وسبب رفضه جائزة نوبل.
من هو بوريس باسترناك؟
بوريس بيونيدوفيتش باسترناك، هو أديب وروائي ومترجم وشاعر روسي، ولد في يناير عام 1890 في موسكو، وهو واحد من أعظم وأشهر الروائيين الروس على لإطلاق.
ولد بوريس لعائلة فنية مثقفة كان لها كبير الأثر على اهتمامه بالأدب والفنون مستقبلًا، وقد تأثر بالحركات الفكرية الحديثة في أوروبا. بدأ بوريس مسيرته كشاعر خلال العشرينات، وحقق شهرة واسعة بفضل مجموعاته الشعرية التي تميزت بأسلوبه العاطفي وصورها الجمالية الغنية.
اتجه بعدها إلى الرواية، وكانت روايته "دكتور جيفاكو" السبب الرئيسي لشهرته العالمية، ففي هذه الرواية سلط الضوء على الثورة البلشفية من منظور شخصي وإنساني، ما أدى إلى حظرها في الاتحاد السوفيتي.
وبسبب تلك الرواية، تعرض بوريس باسترناك إلى ضغوط سياسية كبيرة وحملة تشهير قاسية، إلا أنه رغم المضايقات استمر في الكتابة حتى وفاته في الستينات، تاركًا خلفه إرثًا أدبيًا خالدًا في الأدب الروسي والعالمي.
نشأته وتعليمه
ولد الأديب بوريس باسترناك في موسكو لعائلة يهودية ثرية وفنية، فوالده كان الرسام الروسي الشهير ليونيد باسترناك، الذي درّس النحت والرسم والعمارة في مدرسة موسكو، أما والدته فهي عازفة البياني روزا كوفمان.
كان لدى بوريس شقيقه أصغر منه اسمه أليكس، وأختان، وهما جوزفين، والكيميائية والشاعرة والمترجمة الروسية ليديا. ادعت العائلة أنها من نسل الفيلسوف اليهودي ومفسر الكتاب المقدس إسحاق أباربنيل.
بدأ بوريس دراسته في دير رقاد السيدة العذراء مريم في بوخاييف لافرا، ثم اتجه للدراسة في معهد موسكو للموسيقى، ودرس فيها لفترة وجيزة، إلا أنه تركها، والتحق بجامعة ماربورغ في ألمانيا، حيث درس الفلسفة والأدب تحت إشراف كبار الفلاسفة في أوروبا في ذلك الوقت، منهم هيرمان كوهين، ونيولاي هارتمان وبول ناتورب، والذين عرفوا باسم "الكانطيين الجدد".
خلال نشأته، تأثر باسترناك بالعديد من الشخصيات التي كان لها دور مهم في كتاباته المستقبلية، ومنهم زميله في الدير بيتر مينشافكيفيتش، والذي كان من عائلة أوكرانية أرثوذكسية، أما باسترناك من عائلة روسية يهودية، وظلا صديقين حتى عام 1908، ولم يلتقيا مرة أخرى. كانت شخصية سترينيكوف في رواية دكتور جيفاكو الشهيرة مستوحاة من شخصية مسنشفاكيفيتش.
تأثر باسترناك كذلك بأعمال الكاتب الروسي ليو تولستوي، والذي كان صديقًا لوالده ليونيد باسترناك، ورسم لتولستوي العديد من الرسوم التوضيحية لرواياته، كما كان برفقة والده عندما رسم تولستوي وهو على فراش الموت عام 1910.
علاقة حب فاشلة ألهمته لأجمل أشعاره
عاش الشاعر والأديب الروسي بوريس باسترناك قصص حب مع عدة سيدات، وكانت تلك القصص إلهامًا له لبعض أعماله الشعرية وروياته كذلك. وقع بوريس في حب إيدا ويسوتسكايا، وهي فتاة من عائلة يهودية مرموقة في روسيا تعمل في تجارة الشاي، وكانت شركة عائلتها من أكبر شركات الشاي في العالم.
التقى بوريس بحبيبته إيدا في المدرسة الثانوية، واستمر حبهما لفترة طويلة، خلال الحرب العالمية الأولى، عاد إلى موسكو ليتقدم بطلب الزواج من إيدا، إلا أن عائلتها رفضت، وأقنعتها بالرفض.
في عام 1917، كتب بوريس عن قصة حب تلك في قصيدة "ماربورغ"، كما ألهمته قصة حبه الفاشلة تلك في كتابة القصائد في كتابه الأول "أختي، الحياة" عام 1922، وقد أحدثت أشعاره في هذا الكتاب ثورة في الشعر الروسي في ذلك الوقت.
أولغا إيفينسكايا ملهمته وعشيقته
تزوج بوريس باسترناك عام 1922 من إيفجينيا لوري، وهي طالبة في معهد الفنون، ورزق منها بابنهما يفجيني. تزوج بعدها للمرة الثانية من زينايدا نوهاوس، التي كانت زوجة عازف البيانو الروسي هاينريش نوهاوس، عام 1934.
إلا أن زوجتيه إيفجينيا وزينايدا لم يكنّ ملهماته لأعماله، بل علاقته بالشاعرة والكاتبة الروسية أولغا إيفينسكايا.
كانت علاقة بوريس وأولغا واحدة من أكثر العلاقات العاطفية والأدبية شهرة، فقد كانت أولغا مصدر إلهام لروايته الشهيرة دكتور جيفاكو. التقى بوريس أولغا عام 1946، وكان حينها لا يزال متزوجا. كانت أولغا أم عزباء تبلغ من العمر 34 عامًا، وتعمل في الترجمة.
منح بوريس أولغا عدة مجلدات من شعره لترجمتها، وقد وقع في حبها سريعًا، وخاصة بسبب شبهها بحبيبته الأولى إيدا فيسوتسكايا التي رفضت الزواج منه. استمرت علاقة بوريس وأولغا لسنوات، على الرغم من رفض زوجته لهذه العلاقة.
في عام 1949، وبعد نشر رواية "دكتور جيفاكو" اعتقلت المخابرات السوفيتية أولغا من شقتها، ونقلت إلى سجن لوبيانكا، حيث تم استجوابها مرارًا وتكرارًا، ولكنها رفضت قول أي شيء يدين حبيبها بوريس.
عندما اعتقلت أولغا، كانت حاملًا بطفل باسترناك، ولكنها تعرضت للإجهاض داخل السجن، وقد حكم عليها بالسجن لمدة 10 سنوات. لم يتزوج بوريس وأولغا رسميًا، حيث فضل باسترناك البقاء مع زوجته رغم فتور علاقتهما.
بعد خروجها من السجن، استأنفت علاقتهما من جديد، وبعد وفاته عام 1960، اعتقلت مرة أخرى هي وابنتها بتهمة نشر أعمال بوريس خارج البلاد، ولم تخرج من السجن إلا في عام 1988. ظلت أولغا وفية له حتى وفاتها في منتصف التسعينات، وعملت على الحفاظ على إرثه الأبدي، رغم القمع الذي تعرضت له.
بدايته كشاعر
بدأ الشاعر بوريس باسترناك حياته المهنية كعازف بيانو، وفي ذلك الوقت، كان الشعر مجرد هواية بالنسبة له. في عام 1914، نشرت قصائده الأولى في مجلة المستقبليين الروسيين، وهي حركة ضمت مجموعة من الشعراء والفنانين الروس خلال العشرينات.
خلال الحرب العالمية الأولى، عمل باسترناك في التدريس، وعمل كذلك في مصنع كيميائي، وقد ظل في موسكو طوال الحرب الأهلية، ولم يحاول الهرب كما فعل عدد من الكتاب الروس في ذلك الوقت.
في عام 1922، نشر كتابه الأول "أختي، الحياة" والذي ضم مجموعة من القصائد أثرت بشكل كبير على شكل الشعر الروسي في ذلك الوقت، وبعدها أنتج مجموعة من المجموعات الشعرية الغامضة.
تنوع بوريس باسترناك في أسلوبه اشعري، ففي البداية، كان يكتب شعرًا غامضًا وعميقًا، إلا أنه شعر فيما بعد أن أشعاره صعب للقراء الأقل تعليمًا، لذا جعل شعره أكثر قابلية للفهم.
بحلول عام 1932، نشر مجموعة جديدة من القصائد بعنوان "الولادة الثانية"، وقد واصل كتابة الشعر بجانب كتابة الروايات، وفي عام 1943، نشر كتابه الشعري الثاني "القطارات المبكرة".
رواية دكتور جيفاكو بوريس باسترناك
على الرغم من أن بوريس باسترناك اشتهر في البداية كشاعر، إلا أن رواية دكتور جيفاكو جعلته واحدًا من أبرز الروائيين في القرن العشرين، وهي روايته الوحيدة المكتملة التي نشرها، ولكنه كتب أعمالًا نثرية أخرى، ورغم قلة أعماله النثرية، إلا أنه ترك بصمة أدبية قوية مزج فيها بين الفلسفة الروحانية والتاريخ والواقعية الشعرية.
تعد رواية دكتور جيفاكو من أعظم روايات بوريس باسترناك، وقد استغرق كتابتها أكثر من عقدين. تدور أحداث الرواية حول الطبيب والشاعر يوري جيفاكو، الذي يجد نفسه ممزقًا بين حب امرأتين وبين صراعات روسيا خلال الثورة البلشفية والحرب الأهلية.
واجه باسترناك صعوبة شديدة في نشر الرواية في البداية بسبب محتواها السياسي، إلا أنها نشرت أخيرًا عام 1957، ونظرًا لمحتواها، رفضت السلطات السوفيتية نشر الرواية في الداخل، وتمكن باسترناك من تهريبها إلى إيطاليا.
في عام 1958، تم إصدار أول ترجمة إنجليزية للرواية، وسرعان ما أصبحت روايته الرواية الأكثر شهرة في العالم غير الشيوعي، وتصدر كتابه قائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعًا بين عامي 1958 و1959.
في عام 1965، تم تحويل روايته إلى فيلم من إخراج ديفيد لين وبطولة عمر الشريف وجيرالدين تشابلن وجولي كريستي. في عام 2002، تم تحويل الرواية إلى مسلسل تلفزيوني بريطاني، ثم تم إنتاج مسلسل روسي مقتبس من العمل عام 2006.
ضغوط هائلة بسبب الرواية
ورغم نجاح الرواية حول العالم، تعرض باسترناك لضغوط شديدة من السلطات السوفيتية، وحملة تشويه داخل روسيا، حيث إن طلاب المعهد الأدبي في موسكو أجبروا على توقيع عريضة تدين باسترناك وروايته، وأجبروا على الانضمام إلى مظاهرة تطالب بنفسه خارج الاتحاد السوفيتي.
ومن أجل تبرير التدابير المعارضة التي اتخذتها ضد بوريس، نشرت السلطات العديد من المقالات النقدية لروايته، كما هدد بترحيله خارج الاتحاد السوفيتي، واستمرت محاولات شيطنته من خلال الصحافة لسنوات.
وبسبب تلك الضغوط، أرسل بوريس باسترناك رسالة إلى رئيس الوزراء السوفيتي آنذاك نيكيتا خروشوف يطلب منه عدم ترحيله خارج بلاده، حيث قال: "أنا مرتبط بروسيا بالميلاد وحياتي وعملي، ولا أستطيع أن أتصور مصيري منفصلًا عن روسيا أو خارجها، ومهما كانت أخطائي، فلا يمكنني أن أتصور نفسي في مركز حملة سياسية كهذه".
اتهم باسترناك كذلك بأنه "مهاجر داخلي وعمود خامس فاشي" من قبل اتحاد الكتاب السوفييت الذي أعلن عن طرده من الاتحاد بعد نشر روايته، كما طلب الاتحاد تجريده من جنسيته ونفسه.
هل فاز بوريس باسترناك بجائزة نوبل؟
كان اسم بوريس باسترناك مرشحًا للحصول على جائزة نوبل بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، لكنه فاز بالجائزة عام 1958 عن روايته الشهيرة دكتور جيفاكو.
في عام 1989، وبعد إزالة الحظر على الرواية، سافر ابنه ليفجيني إلى ستوكهولم، واستلم جائزة والده.
لماذا رفض بوريس باسترناك جائزة نوبل؟
بعدما حصل بوريس باسترناك على جائزة نوبل، هُدد بأنه إذا سافر إلى ستوكهولم لاستلام الجائزة سيمنع من العودة إلى الاتحاد السوفييتي. وبسبب ارتباط بوريس ببلده، قرر رفض الجائزة، وأرسل برقية إلى لجنة نوبل جاء فيها: "يجب أن أتخلى عن هذا التكريم غير المستحق الذي منحت لي، من فضلكم لا تفهموا تنازلي الطوعي على أنه خطأ".
وبعدها أعلنت الأكاديمية السويدية بأنه لن يتم تسليم الجائزة إلى كاتب آخر، وجاء في بيانها: "هذا أرفض لا يغير بأي حال من الأحوال صحة الجائزة". كان رفض بوريس لجائزة نوبل سببًا في عدم اعتقال الاتحاد السوفييت له، فقد خافت من الاحتجاجات الدولية التي قد تحدث بسبب اعتقاله، إلا أنه عاش في سجن الاضطهاد والشيطنة لسنوات.
أعمال بوريس باسترناك بعد دكتور جيفاكو
اتجه بوريس باسترناك بعدها إلى الشعر مرة أخرى، وقصائده التالية تتعلق بالحب والخلود والعلاقة مع الله. في عام 1959، نشر بوريس آخر كتاب كامل له بعنوان "عندما يتحسن الطقس".
واصل بوريس كذلك ترجماته الأدبية، حيث ترجم كتابات يوليوس سلواسكي، وبيدرو كالديرون دي لا باركا، كما بدأ في كتابة "الجمال الأعمى" وهي ثلاثية من المسرحيات التي تدور أحداثها قبل وبعد إلغاء ألكسندر الثاني للعبودية في روسيا، إلا أنه لم يتمكن من إكمال مسرحيته بسبب المرض.
مرضه ووفاته
في عام 1959، أصيب بوريس باسترناك بسرطان الرئة في مراحله المتأخرة، وتوفي في 30 مايو عام 1960 في منزله الريفي بجانب أولاده، وكانت آخر كلماته: "لا أستطيع أن أسمع جيدًا وهناك ضباب أمام عيني، لكنه سيختفي أليس كذلك؟ لا تنسوا فتح النافذة غدًا".
رغم الإعلان عن وفاته في إشعار صغير جدًا في الجريدة الأدبية، حضر الآلاف من المعجبين جنازته، وتحدوا السلطات والمخابرات السوفيتية، وغطى جنازته عدد كبير من الصحفيين الأجانب، كما قرأ أحد الحضور قصيد باسترناك المحظورة "هاملت".
ظل بوريس يتعرض لانتقادات حادة من قبل السلطات السوفييتية حتى بعد وفاته، كما تم انتزاع ملكية منزله الريفي، ونقل إلى ملكية الدولية، لكن تم تحويل منزله إلى متحف فيما بعد في الثمانينات، وكان أول متحف منزل في الاتحاد السوفييتي.
جوائز وتكريمات
لم يحظ بوريس باسترناك بالتكريم الذي يستحقه في بلده روسيا خلال حياته، إلا أنه حظي بتكريم وإشادة كبيرة بعد وفاته، حيث تم تحويل منزله إلى متحف. في عام 1990، تم افتتاح متحف باسترناك في مدينة تشيستوبول في روسيا، ثم تم افتتاح متحفًا آخر عام 2008.
في عام 2009، أقيم نصب تذكاري له في مسرح الأوبرا، كما تم تركيب لوحة تذكارية في المنزل الذي ولد فيه، وتم تشييد نصب تذكارية عدة له في مدن مختلفة داخل روسيا.
أهم الأعمال
-
رواية دكتور جيفاكو
جوائز ومناصب فخرية
-
جائزة نوبل في الأدب 1958
معلومات أخرى
-
ترك اليهودية وتحول إلى المسيحية الأرثوذكسية
-
هدد بسحب جنسيته والنفي خارج الاتحاد السوفييتي لكنه طلب من السلطات عدم القيام بذلك
-
لم يهرب من روسيا طوال حياته وفضل البقاء فيها خلال الحرب الأهلية والحرب العالمية وحتى عندما كان مضطهدًا بسبب روايته
-
رفض جائزة نوبل بسبب ضغوط السلطات وسافر ابنه لتسلم الجائزة في منتصف الثمانينات بعد وفاة والده بأكثر من 20 عامًا