بشير شنان... رائد الأغنية الشعبية في السعودية

يعد الفنان السعودي الراحل بشير شنان جزءًا لا يتجزأ من الحراك المجتمعي في مدينة الرياض، فأغانيه الشعبية التي قدمها حققت انتشارًا كبيرًا ووثقت الحياة في الرياض كما هي ببساطتها وواقعيتها، كما عبرت عن مشاعر الكادحين وعواطفهم ومعاناتهم، ليصبح بشار من أهم فناني الأغنية الشعبية في السعودية.

حياة بشير شنان ونشأته

بشير بن حمد بن شنان الدوسري هو مغن شعبي سعودي راحل ولد في عام 1946 الموافق عام 1366 هـ في مدينة الدمام وبدأ الغناء وعمره 11 عامًا وغنى ما يزيد عن 400 أغنية على الرغم من وفاته المبكرة.

عاش بشير يتيم الأب إذ توفي والده وهو في السابعة من عمره؛ ولهذا السبب انتقلت عائلته إلى مدينة الرياض، وعاشت في حي المرقب حيث يسكن أخوه من والده "ناصر" الذي كفله هو وأمه.

كان بشير من المحظوظين بانتقاله إلى حي المرقب حيث اشتهر سكان هذا الحي بعشقهم للفن والغناء، ولهذا السبب وجد بشير منذ صغره قاعدة جماهيرية متشوقة لسماع صوته وأغانيه.

تتلمذ بشير منذ صغره على يد أخيه الشاعر عبد الله حمد شنان، حيث علمه القراءة والكتابة، كما علمه العزف على آلة العود، وهو من ساعده على كتابة وصياغة بعض القصائد.

وكان أخوه الشاعر عبد الرحمن مشهورًا في الساحة الشعبية وقدم في حياته عددًا كبيرًا من القصائد النبطية وأيضًا قصائد باللغة العربية الفصحى، وتوفي أخوه في القاهرة في 17 فبراير عام 2008 بسبب أزمة قلبية.

تزوج بشير مرتين، طلق في المرة الأولى وفي المرة الثانية أنجب من زوجته الثانية ابنتين أحدهما اسمها "اعتدال".

مشواره الفني

تعلم بشير شنان العزف على العود ببراعة في عام 1960 وكانت بدايته الفنية في عام 1963 حيث كان يعزف على العود ويؤدي الأغاني الشعبية القديمة في أحد المجالس الغنائية في الرياض، وكان يبلغ من العمر وقتها 18 عامًا.

كذلك كان يؤدي أغاني السيدة أم كلثوم وفريد الأطرش وغيرهم من نجوم الفن القديم، كما أنه أصدر عدة أغاني كتبها ولحنها هو ويروي في أغلب تلك الأغنيات تجاربه الشخصية التي اعتبرت جريئة في تلك الفترة، وخاصة فيما يتعلق بالنساء في حياته الشخصية.

ففي أحد أغنياته "قبل أمس وسط السوق" وصف مقابلة شاب وفتاة في إحدى الأسواق وإعجابهم المتبادل بينهم، وما سبب ضجة كبير هو مقطع الأغنية الأخيرة الذي قال فيها شنان:

"وساعة دخل للبيت من مبسمه مزيت وساعة كشف أغشيت بسم الله ماشالله… طحنا بغير شعور شعره على منثور وقلبت أنا المستور برغبته ورضاه…هو بقميص النوم وغيره بغير هدوم وبالحجرة أخذنا النوم غصبا مهوب برضاه"

والواضح في أغاني بشير أنه كان دائم الذكر للأسواق ووقت العصاري، فله أغاني مثل "قبل أمس وسط السوق"، و"دخلت سوق الذهب"، و"يا ليت سوق الذهب يفرش حرير"، و"دخلت العصور سوق القصيرية"، وغيرها من الأغاني الذي يذكر فيها السوق دائمًا.

كذلك كان يعتمد في أغلب أغنياته على أسلوب السرد والوصف، فيصف المواقف بدقة وبالتفاصيل، ويبدوا هذا جليًا في عناوين أغنياته الذي كان يذكر فيها الأماكن والأزمنة مثل "البارحة ليل السعادة"، و"عند باب المدرسة"، والبارحة في منامي"، و"في شارع الخزان"، و"كل نهار العيد" وغيرها.

ومن أشهر أغنياته أغنية "يا ليت سوق الذهب يفرش حرير" حيث يروي عازف الكمان في فرقة شنان أنه رأى في السوق محبوبته الذي ابتعد عنها بسبب ظروف قاهرة، ولما رآها كتب فيها هذه القصيدة.

وكعادته أضاف جرأته حينما قال: كشفت لي الجبين المستدر، ونهودها البارزة قلبتها، قالت لي اصبر ترى شي كثير، وطلبتك يا صاحبي أبشر بها، أفرشت لي فوق هذاك السرير، هي عانقتني وأنا خميتها.

كذلك ذكر رفيق دربه السهيلي في إحدى قصائده، حيث قال في قصيدته: راسي غدى يالسهيلي شيب… وبأشكي لك الحال بعد الله يا سعيد لو أني قريت الغيب… ما صار هاللي حصل كله ثم يرجع بشير.

قدم بشير في حياته عدة حفلات، ومنها حفلة في نادي الهلال السعودي مع  الفنان محمد بن حسين، والفنان سلامة العبد الله، كما كانت له مقابلة إذاعية في برنامج "فنون".

أيضًا امتدحه العديد من الفنانين، ومنهم الملحن الكبير محمد الموجي، والفنان الكويتي عبد الكريم عبد القادر، والفنان محمد عبده، والنفنا سلامة العبد الله الذي قال إن بشر أفضل فنان شعبي تطريبي.

وفي عام 2017 استلمت ابنته اعتدال تكريم من قِبل ليالي الفلكلور الشعبي بمركز الملك فهد الثقافي.

موهبته الكبيرة في التلحين

يمتلك الفنان بشير شنان قدرة كبيرة على التلحين فمثلًا أغنيته "يا ليت سوق الذهب يفرش حرير" غناها ب8 أو 9 ألحان، وهذه دلالة على قدرته الفائقة في التحلين، كان غالبًا ما يقتبس ألحانه من الألحان العدنية.

وغنى الكثير من الفنانين من بعده أغانيه، فمثلًا الفنان عبد الكريم عبد القادر غنى له أغنية "عزيز وغالي"، والفنان طلال مداح غنى له أغنية "عطنة المحبة"، و"لا لا يا الخيزرانة"، والفنان مصطفى أحمد غنى له أغنية "سرى ليلي".

كذلك غنى له الفنان عبدالمحسن المهنا أغنية "لا لا يا بو الجدايل"، والفنان محمد عبده غنى له أغنية "يا صاح"، وأغنية "أيوة"، والفنان عايد عبد الله غنى له أغنية "الموتر اللي مرني بالليل"، كما تأثر به الفنان عزازي والفنان خالد عبد الرحمن الذي لُقب في بدايته بـ"خليفة بشير".

وفاته

توفي الفنان بشير شنان في عام 1974 في مدينة الرياض وكان وقتها يبلغ من العمر 28 عامًا بسبب تعرضه لنوبة قلبية، وشكلت وفاته صدمة لعشاق الطرب الشعبي على الرغم من وفاته لم يؤثر على شهرة أغانيه وازياد محبيه.

وظهرت ابنته اعتدال على قناة روتانا خليجية ضمن برنامج "الراحل" الذي يحكي عن قصة حياته وأعماله الفنية، وقالت إنه في يوم وفاته كان متجهًا لقطر ولكنه ألغى سفره واستضافه أحد جيرانه في منزله وقدم له كوب ماء وبعد ذلك توفي إثر أزمة قلبية.