كان المهندس والمخترع الإنجليز بارنز واليس مخترعًا إنجليزيًا عبقريًا ورائدًا في مجال هندسة الطيران، وقد اشتهر باختراع عدة قنابل استخدمت في الحرب العالمية الثانية، ومنها القنبلة المرتدة، والقنبلة الأرضية الثقيلة، والتي كان لها دور حاسم في إلحاق ألمانيا هزيمة ساحقة، لذا تم تخليد اسمه كأحد أهم المخترعين في التاريخ العسكري، تعرف أكثر على مسيرته وحياته.
من هو بارنز واليس؟
السير بارنز نيفيل واليس هو مهندس ومخترع إنجليزي ولد في 26 سبتمبر عام 1887 في بلدة ريبلي في إنجلترا، ويعرف بشكل رئيسي بفضل مساهماتها في تصميم الأسلحة الجوية خلال الحرب العالمية الثانية.
كان لواليس الفضل في تحقيق جيش بلاده انتصارات في معارك مهمة خلال الحرب العالمية الثانية على ألمانيا النازية، حيث ركز على تطوير قاذفات قنابل أكثر فعالية، وقد تمثل إنجازه الأكبر في اختراع للقنابل المرتدة، والتي كانت قادرة على تدمير السدود الألمانية بقوة مذهلة.
وقد لعبت هذه القنابل دورًا حاسمًا في إضعاف ألمانيا النازية، وساهمت اختراعاته في تسريع انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
نشأته وتعليمه
ولد بارنز واليس في بلدة ريبلي في مقاطعة ديربيشاير شرق إنجلترا، وهي بلدة صغيرة يسكن فيها عدد قليل من السكان. تلقى بارنز تعليمه في مدرسة هايرداشرز هاتشام في لندن، إلا أنه ترك المدرسة في سن السابعة عشرة من عمره ليبدأ في العمل في شركة تايم للهندسة بداية من عام 1905.
غيّر واليس بعدها تدريبه المهني عندما انتقل للعمل في شركة جيه صامويل وايت لبناء السفن في جزيرة وايت، وقد تدرب ليصبح مهندساً بحرياً، وفي عام 1922 تمكن من الحصول على شهادة الهندسة من خلال البرنامج الخارجي لجامعة لندن.
حياته الشخصية
في عام 1922، وعندما كان يبلغ من العمر 34 عامًا، قابل ابنة عمه مولي بلوكسام، والتي كانت تبلغ من العمر 17 عامًا، في حفل شاي، ورغم أن والدها منعه من التودد إليها، إلا أنه سمح له بمساعدتها في الرياضيات.
بدأ واليس بمراسلة ابنة عمه، وقدم لها دورات الرياضيات عبر المراسلة، وكتاب حوالي 250 رسالة، إلا أن الرسائل أصبحت شخصية بشكل تدريجي، حتى عرض واليس عليها الزواج في عام 1925، وظلا متزوجين حتى وفاته في عام 1979 لمدة 54 عامًا.
عاش واليس مع عائلته في إفينجهام لمدة 49 عامًا، منذ عام 1930 وحتى وفاته، وقد دفن بجانب زوجته. رزق واليس من زوجته بأربعة أبناء وهم بارنز، وماري، وإليزابيث، وكريستوفر، كما أنه تبنى أطفال شقيقة زوجته جون وروبرت مكروميك، حيث توفي والداهما في غارة جوية خلال الحرب.
تزوجت ابنته مارس من الفيلسوف البريطاني الشهير هاري ستوبس رو، فيما كان ابنه كريستوفر معروفًا بعمل في ترميم طواحين المياه، وأشهرها طاحونة المياه ومبنى قصر ستانواي هاوس التاريخي.
عمله في تصميم الطائرات والمناطيد
عمل بارنز واليس في شركة جيه صامويل وايت لفترة، وعمل في تصميم المناطيد ثم الطائرات، ليغادر الشركة عام 1913، وينضم إلى شركة فيكرز، التي أصبحت فيما بعد جزءًا من شركة الطائرات البريطانية، وهي الشركة التي ظل يعمل معها حتى تقاعده في عام 1971.
عمل بارنز في البداية على تصميم أول منطاد صلب للأميرالية، وقد كان له الفضل في تصميم العديد من التقنيات وتطوير المنطاد، وقد تمكن من تصميم منطاد HMA No. 9r، وهو أول منطاد من تصميمه الخاص.
اشتهر واليس بمنطاد R100، الذي صممه في عام 1930، وقد كان رائدًا في استخدام السبائك الخفيفة في تصميم المناطيد، وأصبح التصميم الهيكلي لهذا المنطاد يُعرف باسم "نيفيل شوت".
بداية من عام 1930، وبعد تدمير أحد المناطيد في شمال فرنسا، تم التخلي عن المناطيد كوسيلة للنقل الجماعية، وبحلول هذا الوقت كان قد انتقل إلى مصنع طارات فيكرز، وقد استخدمت بعض تصميماته في تصميم هياكل جسم الطائرة والأجنحة.
تصميم القنبلة المرتدة خلال الحرب العالمية الثانية
بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939، رأى بارنز واليس أهمية القصف الاستراتيجية لتدمير مراكز قوة العدو، وقد قدم بحثًا بعنوان "ملاحظة حول طريقة مهاجمة قوى المحور"، وأشار في البحث إلى أهمية تدمير إمدادات الطاقة للعدو، بحيث تجعله غير قادر على مواصلة الحرب.
ومن أجل تحقيق هذا الهدف رأى واليس أن القنابل الضخمة يمكن أن تدمر أهدافًا من الصعب تدميرها بطريقة أخرى، وكان أول تصميم له لقنبلة ضخمة بلغ وزنها حوالي 10 أطنان، واقترح أن تُحمل هذه القنابل في طائرات وإسقاطها على الهدف مباشرة.
في أوائل عام 1942 بدأ واليس في تجربة تصميمه، حيث صمم قنبلة كروية قادرة على الارتداد على سطح الماء، وتتجنب شبكات الطوربيد، وبعدها تغرق بجوار سفينة حربية أول سد وتنفجر هناك، وهو ما يجعل المياه المحيطة بالقنبلة تركز قوة الانفجار على لهدف.
كان الابتكار الحاسم هو تدوير القنبلة، فاتجاه الدوران هو الذي يحدد عدد الارتدادات ومسافة القنبلة، وقد اقترح مصمم آخر في الشركة تغيير الدوران ليكون دورانًا خلفيًا، بدلًا من دوران علوي، وقد توصل إلى هذه الفكرة بسبب خبرته كلاعب كريكيت.
ساعد هذا الدوران على جعل القنبلة تتبع الطائرة التي ألقتها، وهو ما يقلل من احتمال تعرض الطائرة لأضرار الانفجار أسفلها، كما أنها زادت من مدى القنبلة، ومنعتها من الانحراف بعيدًا عن الهدف.
كانت القوات الجوية في البداية متشككة من هذا الاختراع، إلا أنها قبلته في النهاية، ليطلق عليها قنبلة "واليس المرتدة"، واستخدمت بكفاءة في هجمات على سدود موهني، وإيدر وسوربي في منطقة الرور الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.
اقترح بارنز واليس في البداية حمل القنابل في طائرات، إلا أنه لم تكن هناك طائرات قادرة على رفع هذه القنابل، ولكن كان من الممكن اسقاطها من ارتفاع أقل، ودخولها الأرض بسرعة تفوق سرعة الضوء، وتخترق عمق 20 مترًا قبل انفجارها بجانب الهدف.
وقد تم استخدام هذه القنبلة على أهداف ألمانية استراتيجية، منها موقع إطلاق الصواريخ V-2، ومخبأ V-3، والكثير من الإنشاءات المدنية مثل الجسور، التي أعاقت حركة الجيش الألماني.
مشروعاته وأعماله بعد الحرب
في عام 1954 عاد بارنز واليس للعمل في شركة بروكلاندز، وشغل منصب رئيس قسم البحث والتطوير، وعمل مع فريقه في تطوير مشاريع الطيران المستقبلية، منها تصميم الطيران الأسرع من الصوت وتقنية "الجناح المتأرجح" والتي استخدمت في أنواع مختلفة من الطائرات، ومنها طائرة بنافيا تورنادو.
كان لدى بارنز هدف واحد، ألا وهو حماية حياة الطيارين وعدم تعريضهم للخطر، وخاصة بعد ارتفاع عدد القتلى بين أطقم الطائرات في غارة "دابمسوترز"، وأصبح بارنز بسبب ذلك رائدًا في التحكم عن بعد في الطائرات.
صمم بارنز غرفة ضخمة تبلغ مساحتها 1814 مترًا مربعًا تقريبًا، وكانت حينها أكبر منشأة من نوعها في العالم، وأصبحت مركزًا لأبحاثه وأعماله التطوير خلال الخمسينات والستينات.
ومن الأبحاث التي قام بها في هذا المركز هو الأبحاث في الديناميكا الهوائية الأسرع من الصوت، والتي ساهمت فيما بعد بتصميم طائرة كونكورد الأسرع من الصوت.
لم يخترع بارنز واليس مفهوم الجناح المتأرجح في الطائرات، ولكنه قدم الكثير من الأعمال الهندسية التي ساهمت في ظهور هذا الابتكار، فقد قام بتطوير الديناميكا الهوائية التي يتحكم فيها الجناح، وهو مفهوم لطائرة بدون ذيل يتم التحكم فيها بواسطة الجناح دون الحاجة إلى أسطح تحكم منفصلة.
صمم واليس في أواخر الأربعينات طائرة اسمها "وايلد جوس"، والتي كانت تستخدم تقنية التدفق الصفحي، كما عمل على صاروخ كروز اسمه "جرين ليزارد"، كما صمم طائرة "سوالو" وهي نسخة أسرع من الصوت لطائرة "وايلد جوس"، إلا أن الحكومة لم تمويل مشروع هذه الطائرة.
حاول واليس الحصول على تمويل أمريكي، وأدى هذا في النهاية إلى أبحاث مشتركة بين وكالة ناسا، وشركة فيكرز، إلا أن شركة ناسا وجدت مشاكل ديناميكة في طائرة "سوالو" واعتمدوا على تصميم التقليدي للذيل. تم استخدام أفكار واليس للطائرة ذات الأجنحة الثابتة BAC TSR-2، وطائرة كونكورد.
أعمال أخرى بارزة
في الخمسينيات، طور بارنز واليس طوربيدًا تجريبيًا يعمل بالصواريخ يُدعى HEYDAY، يعمل بالهواء المضغوط وبيروكسيد الهيدروجين، وتم اختباره في بورتلاند بدورست. النموذج الوحيد الباقي معروض في متحف الانفجارات البحرية في جوسبورت.
في عام 1955، عمل واليس كمستشار لمشروع بناء تلسكوب باركس الراديوي في أستراليا، وساهم في أفكار تصميمية مهمة، لكنه ترك المشروع غير راضٍ ورفض رسومه الاستشارية.
في الستينيات، اقترح واليس استخدام غواصات شحن لنقل النفط والبضائع لتجنب الظروف الجوية السطحية، مع تصميمات لتحسين السرعة وكفاءة الطاقة، لكن هذه الأفكار لم تتحقق. كما طوّر أفكارًا لطائرة "بكل السرعات" قادرة على الطيران بكفاءة في جميع نطاقات السرعة.
في أواخر الخمسينيات، ألقى واليس محاضرة بعنوان "قوة إنجلترا"، داعيًا لاستخدام التكنولوجيا والأتمتة وغواصات الشحن النووية لتعزيز الهيمنة البريطانية.
وفاة بارنز واليس
توفي بارنز واليس في 30 أكتوبر عام 1979 عن عمر 92 عامًا، ودفن في كنيسة القديس لورانس بجانب زوجته.
بارنز واليس في السينما
تم تصوير شخصية المخترع والمهندس الإنجليزي بارنز واليس في السينما، ففي عام 1955 لعب الممثل الإنجليزي مايكل ريدجريف دور واليس في فيلم The Dam Busters، والذي يحكي قصة مهاجمة سدود وادي الرور في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
ظهر واليس أيضًا كشخصية خيالية في رواية "سفن الزمن" للروائي ستيفن باكستر، كما ظهرت شخصيته في مسلسل Foyle's War.