الهجرة من إفريقيا الى أوروبا.. فصول مُغيبة في النقاشات

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 21 ساعة
الهجرة من إفريقيا الى أوروبا.. فصول مُغيبة في النقاشات

في وقت تشهد فيه أوروبا تحولًا نحو اليمين في قضايا الهجرة، تروج إيطاليا لفكرة نقل إجراءات اللجوء إلى دول ثالثة، بينما تعمل هولندا على تطبيق قوانين هجرة أكثر صرامة، وتكليف حزب الحرية اليمني المناهض للمهاجرين في النمسا بتشكيل الحكومة.

ومع اقتراب الانتخابات في ألمانيا الشهر المقبل، حيث يُتوقع أن تسفر عن تحول كبير نحو اليمين، أصبحت قضية الهجرة، سواء القانونية أو غير القانونية، من أبرز الموضوعات في النقاشات السياسية، في وقت يزداد فيه انتشار المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.

إلا أن قلة من تلك النقاشات تتناول جذور الهجرة أو تأخذ بعين الاعتبار آراء الأشخاص الراغبين في مغادرة أوطانهم وما يتركونه خلفهم.

تقول هاردي ياكوبو من حركة "أفريكانز رايزنج"، لـDW "إن المهاجرين أصبحوا من أكثر الفئات التي تم تجاهلها وسوء فهمها في العالم." واضافت: "السياسيون يتخذون قراراتهم بناءً على رسائل معينة لإرضاء بعض الناخبين، لكن هذه الرسائل لا تحظى بتوافق الجميع".

قليل من الأفارقة يهاجرون للخارج

قال يعقوب" إنه في أي انتخابات، غالبًا ما يكون الناخبون غير مدركين تمامًا لجذور الهجرة وأسبابها،" مضيفًا: "هناك مفاهيم خاطئة عن الهجرة، خصوصًا في أفريقيا. نحن نركز كثيرًا على وجهة النظر الغربية، لكن هناك أيضًا وجهة نظر أفريقية يجب أخذها في الاعتبار". وأكد أن البيانات تظهر أن الغالبية العظمى من المهاجرين الأفارقة يرغبون في الانتقال إلى دول أخرى داخل أفريقيا، لكن لا أحد يتحدث عن ذلك.

وفقًا للأمم المتحدة، يبقى حوالي 80% من المهاجرين الأفارقة في القارة، بحثًا عن فرص في البلدان المجاورة أو في اقتصادات أقوى مثل غرب أفريقيا أو جنوب أفريقيا. وأشار ياكوبو إلى أن تجاهل هذه الحقائق في النقاشات الأوروبية حول الهجرة يعمق تهميش المهاجرين، مما يزيد من تعرضهم للعنصرية وكراهية الأجانب.

كيف يرى الأفارقة الهجرة

يرى يعقوب أن الخطاب السائد في الاتحاد الأوروبي يركز بشكل رئيسي على قضايا الأمن، مما يؤدي إلى "إلقاء اللوم على المهاجرين"، رغم أن الأعداد القادمة عبر البحر الأبيض المتوسط ليست كبيرة. وفي بعض مناطق إفريقيا، يستمر الخطاب المعادي للأجانب، مما يزيد من التوترات في بعض المجتمعات.

قالت مراسلة DW في جوهانسبرغ، ديان هوكر، "إن التوترات بين المجتمعات في جنوب إفريقيا وبعض المنظمات المدنية تزداد"، مشيرة إلى زيادة عدد المهاجرين الزيمبابويين في البلاد، مما أثار ردود فعل سلبية ضد الأجانب. وأضافت: "يعتقد البعض في جنوب إفريقيا أن زيادة عدد المهاجرين تؤثر على الموارد المحدودة وتزيد من صعوبة الحصول على وظائف، خاصة في ظل البطالة المرتفعة. وأوضحت هوكر أن معظم المهاجرين الزيمبابويين يعملون في وظائف بسيطة أو مهام شاقة، مثل إدارة المحلات الصغيرة في الأحياء.

وفي هذا السياق، أشار تقرير مشترك من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومنظمة العمل الدولية إلى أن المهاجرين يساهمون بنسبة تصل إلى 5% سنويًا في زيادة الناتج المحلي الإجمالي لجنوب إفريقيا، حيث يُعتقد أن نصف المهاجرين في البلاد تقريبًا هم من الزيمبابويين.

ربع العاملين في أوروبا أجانب

قال يعقوب إنه يجب على الدول المستقبلة للمهاجرين أن تعترف بمساهماتهم الاقتصادية وأن تحارب التمييز ضدهم. وأوضح أن الفوائد الاقتصادية التي يجلبها المهاجرون كانت ستظل في بلدانهم الأصلية لو لم يغادروا. وأضاف أن الهجرة الجماعية، مثل تدفق الزيمبابويين على جنوب إفريقيا في السنوات الأخيرة، تؤدي إلى "ركود" اقتصادي في دول المنشأ، وهو ما ينطبق أيضًا على المهاجرين إلى أوروبا.

ووفقًا لتقرير حديث من منظمة العمل الدولية، فإن 25% من العمال في أوروبا ينحدرون من خلفيات أجنبية، بينما هذه النسبة لا تتجاوز 5% في باقي أنحاء العالم، مما يبرز الخسارة الكبيرة التي تتحملهاالبلدان الأصلية في العمالة والمساهمات الاجتماعية.

أكد يعقوب أن المهاجرين في أوروبا لا يسعون فقط لتحسين حياتهم، بل يرسلون أيضًا أموالًا إلى أسرهم في أفريقيا، مما يعزز الاقتصادات المحلية هناك.

كما أشار إلى أن الحكومات الإفريقية لا تبذل جهودًا كافية لتوفير بدائل للهجرة، لافتًا إلى أن العديد من الدول الإفريقية تسهل دخول الأجانب إليها أكثر من تسهيل انتقال الأفارقة داخل القارة بحثًا عن فرص أفضل.

وقالت مراسلة DW ديان هوكر" إن هناك توازنًا بين العوامل التي تشجع الناس على الهجرة والعوامل التي تدفعهم للبقاء". وأضافت أنه في حالة جنوب إفريقيا، لم يكن معظم الزيمبابويين يهاجرون فقط بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل، بل كان الاضطراب السياسي في زيمبابوي عاملًا رئيسيًا في زيادة تدفق المهاجرين إليها.

وفي دول مثل زيمبابوي، يشير هذا النزوح الجماعي إلى فقدان كبير للقدرات البشريةعلى المدى الطويل. ورغم التحويلات المالية الكبيرة التي يرسلها الزيمبابويون إلى بلادهم، تساهم الهجرة في تدهور الاقتصاد المحلي. ويرى يعقوب "أن هذه الظاهرة تمثل خسارة كبيرة في الكفاءات، خصوصًا أن الحكومات غالبًا ما تضطر للاقتراض لتمويل التعليم من المراحل الأولى وحتى التعليم العالي، ثم يهاجر هؤلاء المتعلمون للعمل في دولأخرى".

انتقل إلى إفريقيا، لا تخرج منها!

قال يعقوب لـ DW إن الدول الأفريقية بحاجة إلى تغيير الصورة السلبية لقارتها في نقاشات الهجرة. بدلاً من تصويرها كـ"مجموعة من الدول الفاشلة"، يجب أن تصبح إفريقيا وجهة جاذبة للهجرة، لا مكانًا يهرب منه الناس. وأوضح أن الهجرة لا تقتصر على انتقال الأفارقة إلى أوروبا فقط، بل هناك أيضًا حركة كبيرة داخل القارة، بالإضافة إلى قدوم الأوروبيين إليها. وأكد أن الجميع يجب أن يشعر بالفخر تجاه إفريقيا، مشددًا على أهمية التعاون بين الأفارقة والأوروبيين لتحقيق هذا التحول.

في بعض المناطق الإفريقية، يزداد الضغط لاستقبال الأجانب الذين يرغبون في إنفاق أموالهم في الاقتصاد المحلي، وهو ما يخلق تحديات جديدة.

أوضحت هوكر أنه في جنوب إفريقيا، هناك دعوات لتسريع إصدار تأشيرات العمل للرحالة الرقميين، الذين يساهمون في تعزيز الاقتصاد المحلي. لكن تزايد الوافدين إلى مناطق مثل كيب تاون أدى إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، مما جعل من الصعب على العديد من السكان المحليين العثور على سكن بأسعار معقولة.

وأضافت أن هذه القضية أصبحت جزءًا كبيرًا من النقاش حول الهجرة في جنوب إفريقيا، حيث سيترتب على أي تغيير في اتجاهات الهجرة عواقب واضحة.

أكد يعقوب أن العواقب، سواء كانت فرصًا أو تحديات، ستعتمد على الحكومات المنتخبة في كل دولة، وأن "هناك جيل من الشباب لا يريد أن يكون مقيدًا بالحدود التي فرضها الاستعمار الأوروبي"، وأضاف: "يجب ألا نسمح للسياسيين بوضع قواعد الهجرة نيابة عنا".

أعدته للعربية: ندي عبد الفتاح

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة