النور عثمان أبكر.. شاعر الحداثة في الأدب السوداني

يعتبر الشاعر السوداني الراحل النور عثمان أبكر أحد أعلام الشعر السوداني المعاصر، وهو صوت بارز في حركة التجديد الأدبي في السودان، وتميزت أشعاره بالجمع بين الحس الوطني العميق والوعي الثقافي، وسخّر شعره للتعبير عن هموم وطنه وآمال السودانيين، لذا يعتبر من رواد الشعر الحديث في السودان.

نبذة عن الشاعر النور عثمان أبكر

هو شاعر سودان من أشهر شعراء التفعيلة الواحدة في السودان، وأحد مؤسسي مدرسة الغابة والصحراء الأدبية، ولد في عام 1938 في مدينة بورتسودان في ولاية البحر الأحمر في السودان.

انخرط أبكر في عالم الكتابة والإبداع الأدبي في سن مبكرة، وقد استلهم من التراث السوداني والعربي في أعماله، وهو ما جعله من المساهمين البارزين في تطوير الحركة الأدبية في السودان خلال الستينات والسبعينات.

تميز شعر أبكر بالتركيز على قضايا الهوية والانتماء، وكانت أعماله تعبر عن القضايا الإنسانية والاجتماعية في بلاده، وامتاز شعره باستخدام الرمز. بجانب نشاطه الشعري، كان أبكر ناشطًا ثقافيًا، وشارك في العديد من المؤتمرات الثقافية الهادفة إلى إحياء الأدب السوادني وتطويره.

نشأته وتعليمه

ولد الشاعر السوداني النور عثمان أبكر في مدينة بورتسودان في ولاية البحر الأحمر، وقد نشا في عائلة متوسطة، فوالده كان يعمل في وظيفة سائق سيارة في الميناء، وتلقى تعليمه الأولي في مدارس بورتسودان، ثم التحق بمدرسة حنتوب الثانوية في ولاية ود مدني وسط السودان.

التحق أبكر بجامعة الخرطوم، حيث درس في قسم اللغات في كلية الآداب، وتخرج فيها عام 1962 بدرجة البكالوريوس، ثم سافر إلى إنجلترا، وأكمل دراسته في جامعة ليدز، وحصل على عام 1970 على دبلوم تعليم اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.

عاش أبكر في ألمانيا بعد تخرج من الجامعة، وهناك تعرف على زوجته مارغريت، وهي خبيرة ألمانية كانت تعمل في معهد جوته الألماني، ولديه منها 3 بنات، وهن لالا، وتعمل طبيبة، وماجدولين، وتعمل مهندسة، وابنته الثالثة إيزيس، وهي فنانة تشكيلية.

مسيرته المهنية

بعد تخرجه من جامعة الخرطوم، عمل الشاعر السوداني النور عثمان أبكر مدرسًا للغة الإنجليزية والأدب الإنجليزية في عدد من المدارس الثانوية في السودان، منها المدرسة الأهلية، ومدرسة المؤتمر الثانوية، ومدرسة محمد حسين بالعاصمة المثلثلة، وذلك في الفترة من  عام 1964 إلى 1975.

عمل بعدها مترجمًا صحفيًا ومستشارًا لشؤون السودان في سفارة ألمانيا الغربية بالسودان حتى عام 1979، كما أنه كان رئيسًا للجنة الشعر في المجلس القومي للآداب والفنون في السودان في تلك الفترة.

هاجر أبكر إلى دولة قطر في نهاية السبعينات، وهناك عمل محررًا ومترجمًا في مجلة الدوحة، وقد عمل مع عدد من الأدباء العرب والسودانيين، منهم الناقد السوداني محمد إبراهيم الشوش، والأديب المصري رجاء النقاش.

عُين أبكر بعد ذلك مترجمًا ومحررًا ومديرًا للتحرير في مجلة الدولة القطرية من عام 1980 حتى عام 1986، وبعدها عمل مترجمًا خاصًا في الديوان الأميري في دولة قطر، وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته.

مسيرته الأدبية

عمل الشاعر النور عثمان أبكر خلال مسيرته ككاتب وشاعر ومترجم للغات الألمانية والعربية والإنجليزية، وقد نشر أشعاره ومؤلفاته وأعماله النقدية في الصحف والمجلات السودانية والعربية.

خلال مسيرته الأدبية، ترجم أبكر العديد من الكتب والمؤلفات من الإنجليزية العربية ومن الألمانية إلى العربية، ومنها مسرحيات "رومانوف وجوليت"، و"رحلات بريم في السودان، و"دارفور ووداي"، و"دراسة في شعر الشباب"، إلى جانب ترجمات في مجالات مختلفة مثل التاريخ والأدب والاجتماع وغيرها. ألف كذلك العديد من الكتب، ومنها "أتعلم وجهك"، و"دراسات في أدب الشباب"، و"النهر ليس كالسحب".

تيار "الغابة والصحراء"

كان الشاعر النور عثمان أبكر من الشعراء المؤسسين لتيار "الغابة والصحراء" وهو تيار أدبي سوداني لاقى إعجابًا كبيرًا في فترة الستينات، سعى إلى الجمع بين الهوية الأفريقية والعربية لشعب السودان.

تمكن أبكر أن ينشر العديد من المقالات الفكرية عن هذا التيار، ونشرت مقالات في صحف مختلفة، منها السودان الحديث، وحروف، والثقافة السودانية، والملتقى، والخرطوم، وغيرها، وتبع ذلك مشاركتهف ي ندوات ثقافية وبرامج إذاعية.

قصائد النور عثمان أبكر

أصدر الشاعر النور عثمان أبكر 4 دواوين شعرية، وهم "صحو الكلمات المنسية" صدر عام 1970، وطبعة أخرى عام 1996،  وديوان "غناء للشعر والزهرة" وصدر عام 1975، والطبعة الثانية صدرت عام 1999، وديوان "النهر ليس كالسحب"، وديوان "أتعلم وجهك".

في عام 2023، صدر له كتاب "النور عثمان أبكر: المجموعة الشعرية الكاملة"، وضم الكتاب دواوينه الأربعة، بالإضافة إلى مجموعة من القصائد التي لم تنشر، فضلًا مجموعة من الصورة النادرة للشاعر لنفسه ومع شعراء وكتاب آخرين.

كانت قصيدة النور عثمان أبكر "ما زلت عزائي يا وطني" من القصائد الشهيرة للشاعر النور، ويقول فيها:

 أقف اليوم برأس حاسر

وبقية شيء من نفسي

ونقاء وجيبي

لك أن تسلخ جلدي

أن تغسل كل جراحات الأيام

بدمي

أن تلبسني

تطعم من كبدي

أن تلقمني أطفالك

مولاي الشعب الأسمر.. خذني

فأنا المعشوق للعاشق

وأنا الحادي

والناي

ونبض الريح الخلاقة

ما بي من تيه الدنيا حكرٌ

لا أطمع في شيء بيديك

لا أحمل غلاً أو أملاً

أملي لقياك

وسعادة يومين كبيرين

بين يديك

يا وطني

لا تشك الحال من الأبناء

خرجوا للقاء

ويعود العاشق والشرفاء

مازلت قوياً

يا وطني

وفتياً مثل شراستنا

وصفاء ليالي بمهجتنا

مازلت عزائي

يا وطني

تأسيس مكتبة النور عثمان أبكر

في عام 2017، تم افتتاح مدرسة للشاعر السوداني النور عثمان أبكر في قطر، وقد عملت زوجته مارجريت وابنته إيزيس على تأسيس هذه المكتبة صدقة جارية له، والمكتبة تضم كبت جمعها الشاعر على مدار عمره باللغات العربية والألمانية والإنجليزية.

تضم المكتب كتباً ومراجع بلغات مختلفة، وترجمات ومقالات لم تنشر للراحل لا تزال الأسرة تحتفظ بها، بجانب مكتبة موسيقية تضم أعمالًا موسيقية عالمية كلاسيكية لمطربين عرب وسودانيين وأجانب.

وفاة عثمان النور أبكر

توفي الشاعر السوداني النور عثمان أبكر عام 2009 في مستشفى الدوحة الحكومية في العاصمة القطرية الدوحة عن عمر 71 عامًا.