الكابتن عبد العزيز الوجه الإعلاني لقطارات ألمانية: كيف حوّل التحديات إلى فرص

  • DWWbronzeبواسطة: DWW تاريخ النشر: منذ 17 ساعة
الكابتن عبد العزيز الوجه الإعلاني لقطارات ألمانية: كيف حوّل التحديات إلى فرص

يستقطب العمل في مجال النقل وقيادة القطارات على وجه الخصوص الفئة العمرية بين 30 و50 عاماً، والذين يشكلون ما نسبته 48 بالمئة من سائقي القطار في ألمانيا، يليهم من تزيد أعمارهم عن 50 عاماً والذين يشكلون نسبة 40 بالمئة بحسب تقرير "ستاتيستا" الذي يستند إلى بيانات وكالة التوظيف الاتحادية الألمانية.

ويشهد قطاع النقل الألماني نمواً كبيراً ويوظّف سنوياً المزيد من سائقي القطارات، فوفق "ستاتيستا" زاد عدد سائقي القطارات بشكل مطرد على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، وتبلغ الزيادة الصافية نحو 1000 شخص، ودخل إلى هذا القطاع 7 آلاف شخص منذ عام 2018.

لكن هذا الإقبال لا يعدّ كافياً، فيتوقع أن يحتاج القطاع بين 5 و10 آلاف سائق قطار جديد سنوياً لتلبية الطلب المتزايد، ما يعني أن هذا القطاع حاله حال قطاعات عديدة في ألمانيا يواجه نقصاً بأعداد الموظفين والعاملين فيه.

اختبارات مستمرة ونمط حياة مرهق

هذا القطاع الذي يلقى رواجاً ونمواً في ألمانيا يواجه تحديات مختلفة لتلبية متطلبات السكان، وبذات الوقت يواجه العاملون فيه تحديات وصعوبات تجعل من عملهم شاقاً ومرهاقاً.

هذا ما يؤكده عبد العزيز نعسو، 28 عاماً، سائق قطار ألماني من أصول كردية سورية، من مدينة عفرين السورية، يعمل حالياً كسائق قطار ومدرّب في شركة AKN للسكك الحديدية، وأصبح الوجه الإعلاني لها.

قال نعسو في مقابلة مع مهاجر نيوز: "مهنة سائق القطار مهنة صعبة، بسبب نظام الورديات و العمل بأيام العطل، كما يحمل سائق القطار مسؤولية كبيرة على عاتقه، فأرواح الناس بين يديه"، بالإضافة إلى ذلك يخضع سائقو القطارات إلى امتحان كل ستة أشهر، ولمواصلة العمل بالمهنة عليهم اجتيازه.

وليتمكن العاملون في هذه المهنة في قيادة أكثر من نوع من القطارات عليهم أن يحصلوا على تدريب منفصل لكل منها، فيحمل نعسو اليوم 12 شهادة، ما يعني أنه يستطيع قيادة 12 قطاراً مختلفاً من أصل حوالي 200 نوع قطارات في ألمانيا.

وعند قيادة القطار لا يستطيع السائق استخدام تطبيقات الملاحة ونظام تحديد المواقع الجغرافي GPS، وإنما عليه أن يحفظ مسار القطار في كافة رحلاته، فيقول نعسو: "يجب أن نحفظ الطريق ومسار القطار عن ظهر قلب، مهما كان الطريق طويلاً".

من الإلكترونيات إلى قيادة القطارات: رحلة الكابتن عبد العزيز

العمل كسائق قطار لم تكن ضمن خطط الكابتن عبد العزيز نعسو عند دخوله الأراضي الألمانية عام 2016، وإنما أراد العمل في مجال الإلكترونيات الذي عمل به في سوريا، ولكن هذا الطريق كان صعباً، فقدّم نعسو أكثر من 30 طلباً للالتحاق بتدريب مهني في مجال الإلكترونيات، ولكن محاولاته جميعها باءت بالفشل.

أما دخوله مجال القطارات جاء بالصدفة البحتة، عندما استعان به أحد أقاربه لكتابة طلب تدريب مهني في مجال قيادة القطارات، فقرر عبد العزيز إرسال طلب للحصول على تدريب مهني في هذا المجال الذي كان لا يعرف عنه أي شيء على حدّ تعبيره.

وبعد إجراء امتحان في الشركة حصل نعسو على قبول للتدريب والدراسة، والتحق بمقاعد الدراسة والتدريب عام 2019، وتخرّج منها نهاية عام 2022، ومن ثم عمل لمدة سنة كسائق قطار لدى شركة Nordbahn، وانتقل بعدها إلى شركة "هيكتوريال" Hectorrial للعمل كسائق قطار شحن دولي، وبهذا الصدد قال نعسو: "العمل هناك شكّل تحدياً كبيراً بالنسبة لي بسبب ظروف العمل الصعبة، ومع ذلك اكتسبت خبرة واسعة على مدار الثمانية أشهر التي عملتها في مجال قطارات الشحن".

ومن ثم عمل لمدة سنة ونصف لدى شركة "بانباو نورد" BahnBau Nord كسائق قطار لإدخال مواد البناء إلى مشاريع البناء، قبل أن ينتقل إلى شركة AKN التي ما زال يعمل بها إلى اليوم.

التحدّيات لا تقف هنا، فدراسة التخصص والتدريب المرافق له، يحمل عقبات عديدة، تمكّن نعسو من اجتيازها، فاستطاع أن يُنهي دراسته خلال سنة ونصف فقط عوضاً عن ثلاث سنوات، توجّب عليه خلال ذلك إجراء امتحانات صعبة للغاية، يجب اجتيازها بثلاث محاولات كحدّ أقصى وإلا يتم طرده من الأكاديمية.

شهرة واسعة عن طريق الصدفة

إلى جانب مهنته الرئيسية كسائق قطار يعمل نعسو كصانع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يُعرف باسم "الكابتن عبد العزيز"، ولكن هذا الاسم الذي وصل إليه اليوم والذي يرافقه مئات آلاف المتابعين كان أيضاً بمحض الصدفة، وذلك بعد نشر فيديو له على منصة تيك توك وهو يقود قطار.

قال نعسو لمهاجر نيوز: "الفيديو الذي حقق لي شهرة وتسبب بتواجدي على السوشال ميديا يعود إلى عام 2020، يُظهر قيادتي للقطار في أولى أيام عملي، عندما صورني مدرّبي بهدف توثيق هذه اللحظات"، وأضاف: "نشرت الفيديو الساعة العاشرة مساء وفي صباح اليوم التالي اكتشفت أن الفيديو حقق تفاعل كبير، وصل إلى 150 ألف مشاهدة، وأتتني الكثير من التعليقات والمتابعين، وأسئلة حول كيفية وصولي إلى غرفة القيادة بداخل القطار، وهو ما كان صدمة بالنسبة لي".

التفاعل الكبير الذي حصده مقطع الفيديو الخاص بالكابتن عبد العزيز على منصة تيك توك شجعه على تصوير المزيد من المقاطع ونشرها، وبالفعل لاقت انتشاراً واسعاً مما زاد من أعداد متابعيه، وعن المحتوى الذي يتوق له جمهوره، قال نعسو: "يريدون معرفة مَن أنا، ماذا أفعل، وهو ما شجعني على تصوير مقاطع الفيديو وتعريف الناس بي"، وأضاف: "أكثر ما أثار فضول الناس حولي هو مهنتي" مما جعل منها محتواه الرئيسي فيما بعد إلى جانب موضوعات أخرى.

يشارك نعسو متابعيه مستجدات الأخبار والقرارات الخاصة بالقطارات الألمانية، والمواقف اليومية والقصص الغريبة التي يتعرّض لها سائق القطار، وسرد القصص المنوعة هو ما حقق شهرة كبيرة له، وشجعه على الانتقال إلى منصة أخرى وهي اليوتيوب.

يقول نعسو: "تعمقت بصناعة المحتوى، وقررت التوسع أكثر، وبالفعل حققت تقدّماً وشهرة واسعة، خصوصاً وأن المحتوى الذي قدمته كان جديداً ومختلف تماماً عن المحتوى الموجود في تلك الفترة".

رحلة شاقة نحو الأمان

قَدِمَ عيد العزيز نعسو إلى ألمانيا قبل حوالي تسع سنوات من اليوم، هارباً من الحرب في بلده سوريا، واختار ألمانيا كوجهة له من أجل الحصول على الشعور بالأمان الذي فقده في بلده وفي البلاد التي مرّ بها خلاله رحلة الهجرة المضنية.

وعن بداية حياته هنا قال نعسو لمهاجر نيوز: "بعد ثلاثة أشهر حتى تمكنت من إدراك سبب وجودي هنا، وهو ظروف الحرب في بلدي والعنصرية في دول أخرى عشت بها خلال رحلة الهجرة"، وأضاف: "أتيت إلى ألمانيا لأعيش حياة كريمة وأشعر بالأمان، فكنت أمام خيارين، إما الهروب إلى ألمانيا وعيش حياة كريمة بأمان أو العودة إلى سوريا والقتال، ولهذا اتخذت قرار السفر إلى ألمانيا".

أعرب نعسو عن امتنانه للفرص التي حصل عليها في ألمانيا، فقال: "قدمت لي ألمانيا الكثير من الفرص التي أوصلتني لما أنا عليه اليوم وهو ما لا يمكن إنكاره"، ومع ذلك فإن اتخاذ قرار الاستقرار بدولة أخرى غير ألمانيا خيار مطروح بالنسبة لنعسو على حدّ تعبيره، ولكن ليس بالقريب العاجل، فما زال أمامه خطط ومشاريع كثيرة ينوي العمل عليها بداخل ألمانيا وخارجها، منها زيارة بلده سوريا، وبهذا الصدد قال نعسو: "أنوي زيارة سوريا بالقريب العاجل، على أمل أن أستطيع تقديم المساعدة لبلدي".

مهاجر نيوز 2025

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة