اشتهر الشاعر اللبناني طلال حيدر بكتابة الشعر باللهجة المحكية اللبنانية التي ذاع صيتها وانتشرت بشكل كبير والتي تحول الكثير منها إلى أغنيات غناها كبار نجوم الغناء أبرزهم فيروز وماجدة الرومي ووديع الصافي وأميمة الخليل وغيرهم، تعرف أكثر على مسيرته الأدبية وحياته.
من هو طلال حيدر؟
هو شاعر لبناني ولد في بعلبك في 22 أغسطس عام 1937 ويعد من أبرز الشعراء في لبنان واشتهر بكتابة الشعر المحكي باللهجة اللبنانية.
تعمق طلال في المشاعر الإنسانية والذات الإنسانية في قصائده وتميز باعتماده على الطبيعة السحرية وقد أصدر العديد من الكتب الشعرية وغنى أشعاره كبار نجوم الفن في لبنان والوطن العربي.
رغم أنه اشتهر بكتابة الشعر بالمحكية اللبنانية إلا أن له قصائد بالفصحى ولكن كتاباته وأشعاره يغلب عليها المحكية اللبنانية، وقد كتب عن الحياة والمكان والزمان والإنسان والأزمات وعكس أحزانه وأفراحه وتجاربه في قصائد شعره.
يعيش طلال حياته بين إيطاليا وبيروت وهو لديه عدد من الأبناء والأحفاد ولكنه لا يشجعهم على أن يمتهنوا مهنة الشعر مثله.
مسيرته المهنية
عمل طلال حيدر مدرسًا في بداية مسيرة المهنية ولكنه لم ينجح في التدريس فتفرغ لكتابة الشعر الذي نجح فيه وساعده في دخول عالم الصحافة.
عم حيدر في بعض الصحف في الخليج وقد رأس مجلة الظفرة في أبو ظبي كما سافر إلى فرنسا وعمل في مجلة المنبر، وعمل في بيروت في المسرح وكتب عدد من المسرحيات منها "مرجان وياقوت" كما عمل في كتابة السيناريو.
مسيرته الشعرية
بدأ الشاعر طلال حيدر كتابة الشعر في الصحف حينما كان طالبًا في طرابلس وقد حققت أشعاره نجاحًا كبيرًا. أصدر عددًا من المجموعات الشعرية منها "آن الأوان"، و"سر الزمان".
عرف الشاعر طلال بفلسفته الخاصة في الشعر، فيقول عن الشعر: "الشعر هو الحياة، وهو النغمة التي تُطرب الروح وتعطي العمر مذاق السعادة. الشعر مجد الإنسان والحياة، ويبقى هو اللحظة التي تمنح صاحبها خصوصية لا يمكن الوصول إليها بسهولة".
تعاون الشاعر طلال مع عدد كبير من نجوم الغناء وأهمهم فيروز في أغنيات "وحدن" و"راعي القصب". تعاون كذلك مع الفنان مارسيل خليفة منها "قومي طلعي عالبالي" كما تعاون مع ماجدة الرومي وجاهدة وهبي وأميمة الخليل. كتب كذلك عددًا من المسرحيات الشعرية الناجحة منها "فرسان القمر".
كتب حيدر الشعر بالمحكية اللبنانية وبالفصحى ولكنه اشتهر بالأولى وعن سبب كتابته الشعر بالمحكية قال إنه لم يختر هذا الشيء ولكنها من اختارته فو يكتب القصيدة بالشكل الذي يأتي في باله ولا يهم التفاصيل الأخرى.
شعر طلال حيدر يعكس تعددية الأغراض من خلال استخدام مجموعة متنوعة من المفردات والموضوعات التي تتنوع بين الحب، والمرأة، ولبنان.
يعتبر الحب والورد والضياع الخضراء والشتاء والثلج والعشب والحمام والرحيل والشمس والقمر والقناديل المضاءة جزءاً أساسياً من مفرداته، ويعتمد على الحكاية الأسطورية ويستخدم لغة تشتمل على التكرار والتشبيهات والرموز.
تُعطي هذه المفردات والأسلوب العامي للشعر الذي يستخدمه حيدر قوة تعبيرية خاصة، حيث تُلقي الضوء على الجوانب الرومانسية والفلسفية والعاطفية في قصائده.
يعمل التكرار على تعزيز الأثر الأسلوبي وإبراز الشعور بالعمق والاندماج مع الموضوعات التي يتناولها، كما تساهم الرموز والمقارنات الشاعرية في إضفاء جو من الجمالية والسحر على القصائد، مما يجعلها تترك انطباعاً عميقاً على القارئ أو السامع.
أجمل ما كتب طلال حيدر
قصيدة "هالكان عندن بيت":
هـ الكان عندن بيت
هـ الكان عندن بيت
وصورة
عليها ناس
معلّقين بخيط
وقعوا ع سطوح العُمر
وسْتِلقتهن الحجار
وقعوا
متل ما بيوقع المشمش
ع ولاد الصغار
وَين أهلي؟
وَين طاحونة حزن خيي الصغير؟
وَين طيارة ورق نومي
على هزّة السرير
وَين الايدين
اللي حطّت الابريق فوق الحصير
وَين الشبابيك
الفات مِنّا الصوت
مِتل الزمهرير
وَين رمّان السقف
مقطوف ومعلّق
متل عمر الكبير
لِك.. عِنّْ يا قلبي
متل هـ النَحل
جُوّات الَقفير
وِقع العُمر
ما بين إيد
وهزّات السرير
قصيدة حلوة:
حلوة
متل عِبي القصب
خيط القصب تعبان
جيبوا حدا من دمّر
يدقدق وشْم
جيبوا من الهامة
والوشم
بنّ محمّص وهبّ الهوا شامي
غمّازة لعالخدّ
ما إلها اسم؟
والخد قدّامي
ومكحّلي
والكحل راسمها رسم
مين اللي بَرَا قلامي
ومُشنشلي متل الفرس
بإيدا أساور ِمن دهب
بتخشّ
بتخش؟
بيدور الطَرَب ليوم القيامة
طلال حيدر وفيروز
تعاون الشاعر طلال حيدر مع عدد كبير من نجوم الغناء ولعل أبرز تعاوناته كانت مع الفنانة فيرزو الذي قابلها لأول مرة عندما كان طالبًا في طرابلس.
أهم قصيدة لطلال غنتها فيروز هي قصيدة "وحدن بيبقوا" التي كانت أول تعاون بينهما، وأيضًا قصيدة "يا راعي القصب" التي كتبها طلال خلال اجتياح إسرائيل لبيروت عام 1982 وكان شعرًا ارتجاليًا ألفه ولحنه الملحن الراحل فيلمون وهبي في اليوم نفسه.
تعاون طلال بشكل رسمي مع فيروز في 3 أغنيات إلا أنه ذكر في عدد من الحوارات أنها غنت له أغنيات أكثر ولكن باسم شعراء آخرين ولم يذكر هذه الأغنيات.
طلال حيدر وحدن بيبقوا
تعد قصيدة "وحدن بيبقوا" من أنجح القصائد التي كتبها طلال حيدر وغنتها النجمة فيروز ولهذه القصيدة قصة، حيث كتبها نعيًا في 3 شهداء فلسطينيين.
عندما كان الشاعر طلال حيدري يشرب قهوته الصباحية والمسائية على شُرفة منزله، الذي يطل على غابة قريبة، لاحظ بعد مدة دخول ثلاثة شبان إلى تلك الغابة في الصباح وخروجهم في المساء.
مع مرور الوقت، أصبح من العادة أن يُسلم هؤلاء الشبان على طلال حيدري في كل صباح عند دخولهم للغابة وفي المساء عند خروجهم منها.
وبينما كان يتأمل طلال حيدر في ما يفعلونه هؤلاء الشبان داخل الغابة من الصباح حتى المساء، حدث اليوم الذي لم يخرج فيه الشبان من الغابة. فانتظر طلال حتى الليل، ولكنهم لم يظهروا، وأصابه القلق.
وبعد فترة وجيزة، وصلته أخبار عن عملية فدائية نفذها ثلاثة شبان فلسطينيين في مستطونةمستوطنةشمونة في الأراضي المختلف واكتشف أن الشبان الذين فقدوا هم نفسهم الذين كانوا يسلمون عليه كل يوم في الصباح والمساء.
فألهمت هذه الأحداث الحزينة الشاعر طلال حيدري ليكتب قصيدته الشهيرة "وحدن بيبقوا" والتي يقول فيها:
وحدن بيبقو متل زهر البيلسان وحدهن بيقطفو وراق الزمان
بيسكرو الغابي بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي على بوابي
يا زمان يا عشب داشر فوق هالحيطان ضويت ورد الليل عكتابي
برج الحمام مسور وعالي هج الحمام بقيت لحالي لحالي
يا ناطرين التلج ما عاد بدكن ترجعوا صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعو
وحدن بيبقو متل هالغيم العتيق وحدهن وجوهن وعتم الطريق
عم يقطعوا الغابي و بإيدهن متل الشتي يدقوا البكي وهني على بوابي
يا زمان من عمر فيي العشب عالحيطان من قبل ما صار الشجر عالي
ضوي قناديل وأنطر صحابي مرقوا فلوا بقيت عبابي لحالي
يا رايحين والتلج ما عاد بدكن ترجعو صرخ عليهن بالشتي يا ديب بلكي بيسمعو