قاد إيمانويل ماكرون حركة سياسية غير مسبوقة في فرنسا ساعدته في أن يدخل قصر الإليزيه كأصغر رئيس لفرنسا في التاريخ الحديث، حيث نجح في أن يجذب الشعب الفرنسي بفضل عقليته الشابة وطموحه، وسعيه لتعزيز مكانة فرنسا على الساحة العالمية، إلا أن مسيرته لم تخل من التحديات الداخلية والأزمات الدولية المعقدة.
من هو إيمانويل ماكرون؟
إيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون، هو سياسي فرنسي يشغل منصب رئيس فرنسا منذ عام 2017، ولد في 21 ديسمبر عام 1977 في مدينة أميان شمال فرنسا، ويعد أصغر رئيس في تاريخ فرنسا الحديثة.
درس إيمانويل في جامعة باريس، ثم التحق بالمدرسة الوطنية للإدارة التي درس فيها كبار السياسيين في فرنسا، قم بدأ مسيرته المهنية في مجال الخدمة العامة، ومنها إلى مجال الصرافة، وحقق إنجازات ملحوظة في هذا المجال.
في عام 2012، برز اسم إيمانويل ماكرون في عالم السياسة، حينما تم تعيينه نائبًا للأمين العام في قصر الإليزيه، ثم شغل منصب وزير الاقتصاد بين عام 2014 إلى 2016، وخلال تلك الفترة، دفع بسياسات إصلاحية جريئة وضعت اسمه ضمن أبرز السياسيين في البلاد.
في عام 2016، اتخذ ماكرون خطوة جريئة بالاستقالة من الحكومة وتأسيس حركته السياسية "إلى الأمام"، وأعلن بعدها ترشحه لرئاسة الجمهورية، وتمكن من اجتذاب قاعدة جماهيرية واسعة خاصة من الشباب، ليفوز بالانتخابات ويصبح الرئيس الأصغر سنًا على الإطلاق.
كرئيس، واجه ماكرون تحديات كبيرة، أبرزها احتجاجات السترات الصفراء وأزمة كورونا، وغيرها من الأزمات العالمية، وفي عام 2022، أعيد انتخابة لولاية ثانية، إلا أن شعبيته في الولاية الثانية انخفضت بشكل ملحوظ.
نشأته وتعليمه
ولد إيمانويل ماكرون في مدينة أميان شمال فرنسا، والدته طبيبة، أما والده جان ميشيل ماكرون أستاذ علم الأعصاب في جامعة بيكاردي، وقد انفصل والداه عام 2010، وهو الابن الأوسط بين 3 أبناء.
تلقى ماكرون تعليمه الأساسي في المعهد اليسوعي في أميان، ثم أكمل الدراسة الثانوية وبرنامج البكالوريوس في مدرسة هنري الرابع، وكان طالبًا متفوقًا في مواد الأدب الفرنسي والموسيقى الكلاسيكية.
خلال دراسته، قلق والديه بسبب علاقته مع معلمته بريجيت أوزيير، التي كانت متزوجة ولديها 3 أطفال في ذلك الوقت، لذا انتقل للدراسة في باريس. في باريس، فشل ماكرون في الالتحاق بالمدرسة العليا للأستاذية، لذا درس الفلسفة في جامعة باريس، وحصل على درجة الماجستير في عام 1999.
في عام 2004، حصل ماكرون على درجة الماجستير في الشؤون العامة من معهد العلوم السياسية، وتخصص في التوجيه العام والاقتصاد، كما تدرب في الخدمة المدنية العليا في المدرسة الوطنية للإدارة في نيجيريا.
![إيمانويل ماكرون.. أصغر رئيس في تاريخ فرنسا الحديثة]()
ما هي ديانة رئيس فرنسا؟
نشأ إيمانويل ماكرون في عائلة مسيحية كاثوليكية، إلا أنه صرح بأنه نشأ في عائلة غير دينية، لكن تم تعميد كاثوليكيًا بناء على طلبه في سن الثانية عشرة. أما الآن، فقد صرح ماكرون أنه "لا أدري".
عمر إيمانويل ماكرون
ود عام 1977، ويبلغ من العمر 47 عامًا.
زوجة إيمانويل ماكرون
زوجة إيمانويل ماكرون بريجيت تروجنيوكس، التي كانت معلمته السابقة في مدرسته الثانوية في أميان، والتي تكبره بحوالي 25 عامًا. التقى ماكرون بزوجته عندما كان يبلغ من العمر 15 عامًا، بينما هي كانت تبلغ من العمر 39 عامًا ومتزوجة ولديها 3 أطفال.
حاول والدها فصله عن معلمته عن طريق إرساله إلى باريس للدراسة، لأن علاقتهما كانت غير مناسبة بسبب فارق السن الكبير بينهما، إلا أنه اجتمع بها من جديد بعد تخرجه من الجامعة، تزوجا في عام 2007، ولم ينجب منها أي أطفال.
ظهر إيمانويل ماكرون وزوجته بشكل كبير منذ دخوله مجال السياسة، وكانت داعمة له في حملته الانتخابية عام 2017. في عام 2017، أعلن ماكرون تبنيه هو وزوجته كلبًا ويعيش معهما في قصر الإليزيه.
![إيمانويل ماكرون.. أصغر رئيس في تاريخ فرنسا الحديثة]()
ما هو فرق العمر بين رئيس فرنسا وزوجته؟
إيمانويل ماكرون أصغر من زوجته بريجيت ب25 عامًا.
مسيرته المهنية
بعد تخرجه من المدرسة الوطنية للإدارة عام 2004، عمل إيمانويل ماكرون في التفتيش العام للمالية. في عام 2006، رفض منصب المدير الإداري لحركة الشركات الفرنسية، وهي أكبر اتحاد لأصحاب العمل في فرنسا.
في العام التالي، تم تعيينه في لجنة إطلاق العنان للنمو الفرنسي، وبعدها أصبح مصرفيًا في بنك روتشيلد آند سي، كمل عمل في شركة روتشيلد وشركاه. في الفترة من 2010 إلى 2013، قيل أنه كسب ما يقرب من 3 ملايين يورو بفضل عمل في المجال المصرفي.
مسيرته السياسية المبكرة
منذ سنوات الجامعة، بدأ إيمانويل ماكرون نشاطه السياسي، ففي عام 1998، انضم إلى حركة المواطنين لمدة عامين، وبعدها انضم إلى الحزب الاشتراكي في سن الرابعة والعشرين.
في عام 2006، أصبح ضمن طاقم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وفي عام 2012، أصبح ماكرون نائب الأمين العام لقصر الإليزيه في عهد فرانسوا هولاند، وفي العام التالي، كان له دور بارز في تنظيم رواتب الرؤساء التنفيذيين.في عام 2014، استقال ماكرون من منصبه في القصر الرئاسي.
تعيينه وزيرًا للاقتصاد والصناعة
في عام 2014، تم تعيين إيمانويل ماكرون وزيرًا للاقتصاد والصناعة في حكومة فالس الثانية، وكان حينها أصغر وزير اقتصاد منذ عام 1962، وقد جاء إلى الحكومة بآراء ليبرالية ومؤيدًا للاتحاد الأوروبي.
بعد توليه المنصب، أعلن ماكرون عن أهدافه لوضع إصلاحات صديقة للأعمال، ومن ثم أعلن عن "قانون ماكرون" وهي مجموعة من القوانين التي تحظر العمل أيام الأحد والليل، وتضع قيود حول حافلات النقل العام واستئجار المعدات العسكرية وغيرها من القوانين، وقد تم اعتماد القانون عام 2015، وقد غادر منصبه كوزير في أوائل عام 2015
.
أصغر رئيس في تاريخ فرنسا
في عام 2016، قرر ماكرون تأسيس حزب سياسي مستقل اسمه "إلى الأمام"، ووصف حزبه بأنها حركة سياسية ليبرالية اجتماعية تقدمية، ثم أعلن عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية بعد استقالته من منصب وزير الاقتصاد.
حظيت الحملة الانتخابية لماكرون تغطية إعلامية كبيرة، حيث حصل على تبرعات من رجال أعمال وسياسيين آخرين، إلا أنه تعرض لانتقادات بسبب تأخر برنامجه الانتخابي. خلال حملته الانتخابية، أجرى ماكرون مناظرات وحوارات تلفزيونية كثيرة، وشكل تحالفات سياسية مع سياسيين آخرين، وهو ما ساهم في زيادة شعبيته. فاز ماكرون في الانتخابات في مايو 2017 بنسبة 66.1%، ليصبح أصغر رئيس في تاريخ فرنسا وكان عمره حينها 39 عامًا.
مسيرة إيمانويل ماكرون منذ توليه حكم فرنسا
عندما تولى إيمانويل ماكرون حكم فرنسا، جاء إلى السلطة بشعار التجديد، مستندًا إلى حركته السياسية الناشئة "إلى الأمام" ومتجاوزًا الأحزاب التقليدية التي حكمت فرنسا لعقود.
ومع توليه حكم فرنسا، واجه العديد من التحديات على المستويين الداخلي والخارجي، والتي أثرت على شعبيته بشكل كبير. كانت من أكبر هذه التحديات احتجاجات "السترات الصفراء" التي اندلعت في أواخر عام 2018، وكانت عبارة عن مظاهرات شعبية واسعة احتجاجًا على زيادة الضرائب على الوقود والسياسات الاقتصادية التي اعتبرها الكثيرون بأنها موجهة للأثرياء على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة.
كانت تلك الاحتجاجات واحدة من أكبر الأزمات الاجتماعية في تاريخ فرنسا الحديث، واضطر ماكرون حينها التنازل أمام الشعب وأطلاق حوارات وطنية واسعة.
سعى ماكرون إلى وضع نظام تقاعدي فرنسي جديد، والذي فيه يتم زيادة سن التقاعد إلى 62 عامًا بدلًا من 60، وقد كان هذا القرار سببًا في زيادة الاحتجاجات في الشارع الفرنسي، واضطر ماكرون إلى تجميد المشروع مؤقتًا قبل مراجعته.
خلال ولايته الأولى، واجه أيضًا أزمة كوفيد 19، والتي فرضت الحكومة فيها إغلاقات عامة، واعتمدت على دعم اقتصادي كبير لإنقاذ الشركات والأسر المتضررة، وقد واجه ماكرون انتقادات حادة في البداية، لكنه نجح تدريجيًا في إدارة الأزمة، وأعاد بعض الثقة بحكومته.
شهدت فرنسا خلال الولاية الأولى لماكرون تصاعد كبير في الانقسامات الاجتماعية المرتبطة بالهوية والهجرة والعلمانية، وخاصة بعدما تبنى قوانين أكثر صرامة لمحاربة "الانفصالية الإسلامية".
ولم تقتصر التحديات في ولاية ماكرون الأولى على التحديات الداخلية فحسب، بل واجه تحديات خارجة كبيرة، منها التوتر مع الولايات المتحدة خلال عهد ترامب، وأزمات فرنسا في أفريقيا، وخاصة بسبب تدخلاتها العسكرية فيها، وتصاعد النزاعات في الشرق الأوسط.
![إيمانويل ماكرون.. أصغر رئيس في تاريخ فرنسا الحديثة]()
انتخابه لولاية ثانية
في عام 2022، أعلن ماكرون عن ترشحه للانتخابات للمرة الثانية، وكان أول رئيس يعاد انتخابه منذ عام 2002، حيث فاز بنسبة 58.55%، وفي الولاية الجديدة، حصل اليمين المتطرف الفرنسي على أعلى إجمالي تصويت له منذ بداية الجمهورية الفرنسية.
وبعد توليه منصبه للمرة الثانية، واجه إيمانويل ماكرون غضبًا شعبيًا متجددًا، وخاصة بعدما أعلن عن تمرير قانون التقاعد دون تصويت برلماني كامل، وهو ما أدى إلى موجة واسعة من الاحتجاجات والإضرابات.
خسر ماكرن كذلك الأغلبية في الجمعية الوطنية، واضطر إلى بناء تحالفات مع أحزاب أخرى. واجه ماكرون كذلك تداعيات الحرب في أوكرانيا، وخاصة أزمة الطاقة وارتفاع التضخم، ولكنه واصل جهوده لإبراز دور فرنسا كوسيط عالمي في ملفات النزاع الأوكراني وعلاقات الغرب مع الصين وأزمات الشرق الأوسط