يعد الشاعر إيليا أبو ماضي واحد من أبرز شعراء المهجر الذين أثروا بقصائده الشعر العربي في أوائل القرن العشرين، نشأ نشأة فقيرة فلم تكن حياته سهلة حيث ارتحل إلى من مصر ومنها إلى الولايات المتحدة وعمل في التجارة في بدايته ثم اتجه إلى الشعر والأدب، في السطور التالية تعرف على مسيرته الأدبية وحياته.
هو شاعر عربي لبناني من شعراء المهجر ولد سنة 1890 في قرية المحيدثة المتن الشمالي في لبنان وتلقى تعليمه فيها، ونشأ في أسرة فقيرة والده هو ضاهر أبو ماضي وله خمسة أخوة وهم مراد، ومتري، وطانيوس، وإبراهيم، وأوجني.
كان والده ريفيًا يعمل في تربية دود القز والعناية بأشجار التوت، وبسبب فقر عائلته اضطر إيليا إلى ترك التعليم في سن الحادية عشر وهاجر مع أسرته إلى الإسكندرية في عام 1900 طلبًا للعمل.
وفي الإسكندرية عمل إيليا تاجرًا في بيع السجائر نهارًا، وفي الليل كان يقرأ الكتب ويتعلم النحو والإعراب، حيث كان يعلم نفسه تارة، ويتعلم في بعض الكتاتيب تارة أخرى.
كان إيليا منذ صغره محبًا للعلم والتعلم وكان شغوفًا بالأدب، فكان يستغل وقت فراغه في حفظ الشعر وقراءة كتب الأدب، وبدأ كتابة الشعر بشكل منتظم في مجلة الزهور بعدما التقى أنطون الجميل وأعجب به وقرر دعمه.
كان إيليا يحلم بالسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فهاجر من مصر إلى هناك وسكن في بداية الأمر في سنسناتي، وبعدها بفترة انتقل إلى نيويورك وفيها التقى بنخبة شعراء المهجر مثل جبران خليل جبران، وأحمد زكي أبو شادي وغيرهم.
زوجة إيليا أبو ماضي
تزوج إيليا من دوروتي دياب ابنه الصحفي الأمريكي اللبناني نجيب دياب صاحب مجلة "مرآة الغرب" التي عمل فيها إيليا لفترة، وله منها ثلاثة أولاد وهم ريتشارد، وإدوارد، وروبرت.
ما هي ديانة الشاعر ايليا ابو ماضي؟
مسيحي الديانة.
عشق إيليا أبو ماضي الأدب منذ صغره، فكان يحرص على تعليم نفسه على الرغم من ظروفه المادية وانشغاله بالعمل في التجارة، فكان يستغل أوقات فراغه بحفظ الشعر والقراءة ودراسة الأدب، كما كان يكتب الشعر في أثناء عمله ببيع السجائر.
رآه الأستاذ أنطون الجُميّل يكتب الشعر وحينما قرأ شعره أعجب به، ودعمه عن طريق نشر شعره وقصائده في مجلة الزهور التي كان يصدرها، وكانت هذه الخكو فاتحة خير عليه، حيث ظل يكتب الشعر في هذه المجلة لمدة 8 سنوات، ثم جمعها في ديوان اسمه "تذكار الماضي".
أيضًا اعتاد إيليا نشر قصائده في بعض المجلات اللبنانية التي تصدر في مصر، وبسبب بعض كتاباته السياسية قرر الهجرة إلى أمريكا، وأصبح واحد من أهم أدباء وشعراء المهجر.
حينما انتقل إيليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعاش في نيويورك التقى بشعراء المهجر الكبار أمثال ميخائيل نعمة، ونسيب عريضة، وجبران خليل جبران، وأحمد زكي أبو شادي وغيرهم من الشعراء.
وتمكن إيليا معهم من تكوين "الرابطة القلمية" عام 1920 التي كانت أبرز علامات الأدب العربي الحديث، وفي بداياته اعتمد أسلوب القصيدة العمودية ولكنه غير نمطه بشكل ملحوظ بعد هجرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبجانب كتابته الشعر مارس التجارة لمدة أربع سنوات مع شقيقه الأكبر مراد، كما رأس تحرير "المجلة العربية" عام 1916، وبعدها تركها وساهم في إنشاء مجلة "الفتاة" مع صديقه شكري البخاش.
وفي عام 1918 تحول للعمل في تحرير مجلة "مرآة الغرب" مع الصحفي اللبناني الأمريكي نجيب دياب حتى عام 1928، وفي عام 1929 أسس مجلة "السمير" وهي مجلة نصف شهرية وبعدها أصبحت يومية ظل يصدرها حتى وفاته.
قصائد إيليا أبو ماضي
وفي أثناء عيشه في نيويورك أصدر إيليا 3 دواوين شعرية وهم: الجداول، والخمائل، وديوان إيليا أبو ماضي.
وبمشاركة أعضاء الرابطة القلمية أسسوا معًا مجموعة من المجلات الأدبية، منها "مجلة الفنون" لنسيب عريضة، و"مجلة السائح" لعبد المسيح حداد، بالإضافة إلى مجلته "السمير"، ولكن تفككت الرابطة القلمية عام 1932 بوفاء جبران خليل جبران حيث كان يشغل منصب عميد الرابطة.
اعتمدت فلسفة الشاعر إيليا أبو ماضي على التفاؤل والواقعية، حيث وظف الخيال والجمال الإبداعي لتجسيد فلسفته في الحياة، فكانت خواطره وشعره دائمًا متشبثة بالحياة مليئة بالبهجة والتفاؤل في أسلوب واقعي اجتماعي.
زار إيليا لبنان بعد انقطاع لسنوات في عام 1948 وذلك بدعوة من حكومة لبنان لحضور مهرجان الأونسكو ليمثل الصحافي حبيب مسعود مؤسس مجلة "العصبة" التي أسسها في البرازيل.
وحينما سافر إلى لبنان كان إيليا موضع تكريم وحفاوة كبيرين، ومنحته الحكومة اللبنانية وسام الأرز، ووسام الاستحقاق، كما سافر إلى دمشق وأقيمت له حفلات تكريم حيث حص لعلى وسام الاستحقاق الممتاز عام 1949 من رئيس الجمهورية السورية هاشم الأتاسي.
أصدر إيليا أبو ماضي في حياته 4 دواوين شعرية بجانب مجموعة من القصائد، كما كتب بعض الكتب النثرية.
أول ديوان نشره إيليا كان في الإسكندرية عام 1911 تحت اسم "تذكار الماضي" وهو عبارة عن مجموعة قصائد نشرها في مجلة الزهور وجمعها في ديوان واحد، وتحدث فيها عن ظلم الحاكم.
ثاني ديوان أصدره كان في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1918 وحمل اسمه، وتحدث فيها عن الحب والفلسفة كما تحدث عن موضوعات اجتماعية وقضايا وطنية في إطار رومانسي وحالم في بعض الأوقات وغاضب وثائر في أوقات أخرى.
ثالث ديوان أصدره في عام 1927 ديوان "الجداول" وكتب مقدمة الديوان الأديب ميخائيل نعيمة، وشمل الديوان قصائد ذاتية وإنسانية وركز فيها على التفاؤل وفلسفة الحياة، كما كان جليًا نضجه من حيث جدية الموضوعات والتوازن بين المبنى والمعنى اهتم بالقوافي والبحور القصيرة.
أما ديوان "الخمائل" عام 1940 تعد امتدادًا لديوان "الجداول" من ناحية الأسلوب والموضوعات، ولكنه تنوع في الأوزان والقوافي وألح على الدعوة إلى التفاؤل والتمسك بالأمل.
وبجانب الدواوين لدى إيليا مجموعة من القصائد الشهيرة، ومنها قصيدة المساء، والغابة المفقودة، وابتسم، وتعد قصيدة فلسفة الحياة من أشهر قصائده التي يقول في مطلعها:
أَيُّــــهَــــذَا الـــشَّـــاكِـــي وَمَـــا بِـــكَ دَاءٌ
كَـــيْـــفَ تَــغْــدُو إِذَا غَــدَوْتَ عَــلِــيــلَا؟
إِنَّ شَـــرَّ الْــجُــنَــاةِ فِــي الْأَرْضِ نَــفْــسٌ
تَــتَــوَقَّــى، قَــبْــلَ الــرَّحِــيــلِ الـرَّحِـيـلَا
وَتَــرَى الــشَّــوْكَ فِــي الْــوُرُودِ وَتَــعْـمَـى
أَنْ تَـــرَى فَـــوْقَـــهَـــا الــنَّــدَى إِكْــلِــيــلَا
هُـــوَ عِــبْءٌ عَــلَــى الْــحَــيَــاةِ ثَــقِــيــلٌ
مَــنْ يَــظُــنُّ الْــحَــيَــاةَ عِــبْــئًــا ثَــقِـيـلَا
وَالَّـــذِي نَـــفْـــسُـــهُ بِـــغَـــيْـــرِ جَـــمَــالٍ
لَا يَــرَى فِــي الْــوُجُــودِ شَــيْـئًـا جَـمِـيـلَا
ويختم إيليا أبو ماضي قصيدته الشهيرة بأشهر الأبيات الشعرية على الإطلاق التي يقول فيها:
أَيُّــــهَــــذَا الـــشَّـــاكِـــي وَمَـــا بِـــكَ دَاءٌ
كُــنْ جَــمِــيــلًا تَــرَ الْــوُجُــودَ جَــمِــيــلَا
خصائص شعر إيليا أبو ماضي
امتلك إيليا أبو ماضي نظرية إنسانية تفاؤلية وقد تأثر بالحياة في موطنه الجديد، واعتمد في شعره على الطبيعة واستخدمها لتشخيص الأفكار والمعاني التي يريد التعبير عنها.
اهتم أبو ماضي بالمعنى اهتمامًا كبيرًا، كما استخدم الرمز في شعره، ولم يلتزم بنظام القصيدة العمودية من ناحية الوزن والقافية.
غلب على شعر أبو ماضي الطابع الفلسفي التفاؤلي، كما استخدم القصص والحوارات لتوظيف الأسلوب، ولكنه لم يبالغ في المحسنات البديعية، وتسامح أحيانًا مع القواعد النحوية.