تعد إلين جونسون سيرليف واحدة من أكثر الشخصيات تأثيرًا في أفريقيا، حيث صنعت التاريخ كأول امرأة تنتخب لرئاسة دولة في قارة أفريقيا، حينما تولت رئاسة ليبيريا في الفترة بين 2006 إلى عام 2018، لتقود بلدها خلال فترة عصيبة بعد الحرب الأهلي التي تركت البلاد في حالة من الفوضى والدمار، وحققت خلال فترة رئاستها إنجازات مهمة على الصعيدين المحلي والدولي.
من هي إلين جونسون سيرليف؟
هي سياسية ليبيرية، والرئيسة السابقة لدولة ليبيريا في الفترة من 2006 إلى 2018، ولدت في 29 أكتوبر عام 1938 في مونروفيا، وتعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في أفريقيا.
نشأت سيرليف في بيئة سياسية واجتماعية ساعدت على تشكيل شخصيتها القيادية، وقد درست الاقتصاد والعلوم السياسية، وحصلت على درجة الماجستير من جامعة هارافرد، ثم عادت إلى بلدها، وبدأت مسيرتها المهنية كمسؤولة حكومية في ليبيريا.
تقلدت سيرليف خلال مسيرتها عدة مناصب، ثم ترشحت للانتخابات بعد انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت لمدة 14 عامًا، وتولت منصبها كرئيسة عام 2006، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في إفريقيا.
خلال توليها المنصب، ركزت سيرليف على إعادة بناء البنية التحتية، وتحقيق الاستقرار السياسي، كما عملت على تعزيز الاقتصاد الوطني، واهتمت بقضايا مختلفة منها حقوق المرأة مكافحة الفساد.
نالت سيرليف خلال حياتها العديد من الجوائز، منها جائزة نوبل للسلام عام 2011، كما حصلت على تكريمات من مؤسسات عدة؛ بسبب إسهاماتها في السياسة العالمية والتنمية الاجتماعية.
نشأتها وتعليمها
ولدت إلين جونسون سيرليف في مونروفيا، وقد نشأت في عائلة سياسية، فوالدها كان سياسيًا ليبيريًا، وكان أول ليبيري من مجموعة عرقية أصلية يتم انتخابه للهيئة التشريعية الوطنية في البلاد.
بسبب البيئة التي نشأت فيها جونسون، كانت مهتمة بالسياسة منذ صغرها، وقد التحقت بمدرسة تحضيرية اسمها "كلية غرب أفريقيا، وتزوجت عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها لرجل اسمه جيمس سيرليف، وأنجبت له 4 أبناء.
كانت جونسون في البداية مشغولة بدورها كزوجة، وأم، بينما كان زوجها يعمل في وزارة الزراعة، ثم عملت بعدها في محاسبة في ورشة إصلاح سيارات.
في عام 1961، سافرت جونسون مع زوجها إلى أمريكا، وهناك واصلت تعليمها، وحصلت على درجة الزمالة في المحاسبة من كلية ماديسون للأعمال، ثم عادت مع زوجها إلى ليبيريا، حيث عمل زوجها في وزارة الزراعة.
انفصلت جونسون بعدها عن زوجها بسبب إساءة زوجها، وعادت لإكمال درجة البكالوريوس، وحصلت عليها عام 1970 من معهد الاقتصاد بجامعة كولورادو بولدر، كما درست الاقتصاد والسياسة العامة من كلية هارفارد كينيدي في الفترة من عام 1969 إلى 1971، وحصلت على درجة الماجستير في الإدارة العامة.
مسيرتها المهنية
بدأت إلين جونسون سيرليف مسيرتها المهنية بعد عودتها من أمريكا للدراسة، حيث شغلت منصب مساعدة لوزير المالية في الفترة من عام 1972 إلى 1973، وتم تعيينها بعد ذلك وزيرة للمالية في الفترة من 1979 إلى عام 1980.
في عام 1980، هربت من البلاد بعد حملة تطهير ضد الحكومة، وانتقلت إلى واشنطن في أمريكا، حيث عملت في البنك الدولي، وبعدها انتقلت إلى كينيا، وشغلت منصب نائب رئيس المكتب الإقليمي الأفريقي لسيتي بانك، واستقالت عام 1985، من أجل المشاركة في الانتخابات العامة في بلدها.
في ليبيريا، عملت في بنك إكواتور، وفي عام 1992، تم تعيينها مديرة للمكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي برتبة مساعد مدير وأمين عام مساعد، وقد استقالت من هذا المنصب للترشح للانتخابات عام 1997.
خلال فترة عملها في الأمم المتحدة، عملت في التحقيق في الإبادة الجماعية في رواندا، كما حققت في تأثير الصراع على النساء، كما كانت أول رئيسة لمبادرة المجتمع المفتوح لغرب أفريقيا، وهي أستاذة زائرة للحوكمة في معهد غانا للإدارة.
مسيرتها السياسية
بدأت إلين جونسون سيرليف مسيرتها السياسية في منتصف الثمانينات، حيث عادت إلى ليبيريا للترشح لمنصب نائب الرئيس، تحت قيادة الرئيس جاكسون دو، إلا أنها واجهت تحديات كبيرة، بعدما انتقدت صراحة أعضاء نظام صمويل دو.
حكم على جونسون بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة التحريض على الفتنة، ورغم إعلانها فائزة في انتخابات مجلس الشيوخ، إلا أنها رفضت المقعد احتجاجًا على تزوير الانتخابات.
تم الإفراج عن جونسون عام 1986، وفرت من البلاد بعدها، ولكنها لم تكن بعيدة عن الساحة السياسية، حيث دعمت تمرد تشارلز تايلور خلال الحرب الأهلية الأولى.
أول رئيسة في دولة أفريقية
عادت جونسون إلى ليبيريا عام 1997، وترشحت لانتخابات الرئاسة، وحصلت على 25% فقط من الأصوات، لتبتعد بعدها لفترة عن الانتخابات، وتعود مجددًا عام 2005 بعد انتهاء الحرب الأهلية، حيث تم اقتراح اسمها كمرشحة محتملة لرئاسة الحكومة، إلا أنها شغلت منصب رئيس لجنة إصلاح الحكمة.
ترشحت إلين جونسون سيرليف للانتخابات عن حزب الوحدة، واحتلت المركز الثاني في الجولة الأولى من التصويت، ثم حصلت في جولة الإعادة على 59% من الأصوات، لتصبح أول امرأة يتم انتخابات كرئيسة لدولة أفريقية.
في عام 2010، أعلنت أنها ستترشح لولاية ثانية، وحصلت على 43.9% من الأصوات في الجولة الأولى، ثم فازت بنسبة 90.7% من الأصوات في جولة الإعادة.
إنجازات إلين جونسون سيرليف
خلال فترة حكمها لليبيريا من عام 2006 إلى 2018، ركزت سياسات إلين جونسون سيرليف على إعادة بناء البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية، كما اهتمت بتحقيق التنمية الاقتصادية، وتعزيز الديمقراطية في بلدها.
تولت سيرليف الدولة في فترة كانت ليبيريا خارجة من حرب أهلية استمرت لمدة 14 عامًا، لذا ركزت على إعادة إعمار البنية التحتية، منها الطرق والمدراس والمستشفيات التي تعرضت للدمار خلال الحرب، كما أعادت بناء مؤسسات الدولة التي انهارت، وشجعت على إصلاح نظام القضاء والشرطة لتحقيق الأمن والاستقرار.
عملت سيرليف على مكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية، كما ركزت على إصلاح الاقتصاد الليبيري المنهار، ونجحت خلال فترة حكمها في جذب استثمارات أجنبية، ووقعت عقودًا مع شركات متعددة الجنسيات في مجالات مختلفة مثل التعدين والزراعة.
نجحت كذلك في خفض الدين العام من خلال مفاوضات مع دول مانحة، وهو ما أثر على تصنيف البلاد المالي، كما دافعت عن حقوق المرأة، وعززت مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية، ووضعت سياسات تهدف إلى تحسين أوضاع النساء وتشجيعهن لتعليم والمساواة في فرص العمل.
تمكنت كذلك من مواجهة تحديات صحية كبيرة، حيث اجتاح وباء الإيبولا ليبيريا عام 2014، ونجحت في التعامل مع الأزمة بشكل فعال، وساعدت في تقليص انتشار المرض وإنقاذ حياة الآلاف.
سياستها الخارجية
عملت إلين جونسون سيرليف على تحسين علاقات ليبيريا مع المجتمع الدولي، حيث كانت الدولة معزولة خلال سنوات الحرب، ونجحت في تأمين دعم منظمات عالمية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي، كما عززت علاقات قوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ساهمت كذلك في حل النزاعات في غرب أفريقيا، حيث رأست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وبفضل سياساتها أعادت ليبيريا إلى الساحة الدولية كدولة مسالمة ومستقرة.
حصولها على جائزة نوبل
حصلت إلين جونسون سيرليف على جائزة نوبل للسلام عام 2011 مناصفة مع ليما غبوي من ليبيريا وتوكل كرمان من اليمن، لنضالهن السلمي من أجل سلامة المرأة وحقوق المرأة.
حصلت كذلك على جوائز أخرى، منها جائزة أندريا غاندي عام 2013، كما تم إدراجها من بين أقوى النساء في العالم عام 2016 وفقًا لتصنيف فوربس.