أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية.. بين الربح والتأثير الإيجابي

  • تاريخ النشر: السبت، 01 مارس 2025
أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية.. بين الربح والتأثير الإيجابي

هل فكرت مسبقًا ما هي أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية؟ ففي عالمنا الذي تتسارع فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، وخاصة بعد جائحة كورونا التي أثرت على ملايين العائلات حول العالم، أصبحت ريادة الأعمال الاجتماعية ضرورة ملّحة، إذ إنها تجمع بين الربح المالي والتأثير الإيجابي على المجتمع.

وفي الوقت الحالي، لم يعد النجاح التجاري مقتصرًا على تعظيم الأرباح فحسب، بل أصبح مرتبطًا بمدى مساهمة المشاريع في تحسين حياة الأفراد والمجتمعات، وفي موقع القيادي، سنسلط الضوء أكثر على مفهوم ريادة الأعمال الاجتماعية، أهداف، وما الفرق بينه وبين ريادة الأعمال، وكيف يمكن تكون قوة حقيقية لتغيير المجتمع؟

ما هي ريادة الأعمال الاجتماعية؟

قبل الحديث عن أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية، من المهم أولًا تعريف الريادة الاجتماعية. تم تقديم مصطلح ريادة الأعمال الاجتماعية لأول مرة عام 1972 من خلال رجل الأعمال بيل درايتون، مؤسس شركة أشوكا، وهي واحدة من أكبر المؤسسات التي تدعم تطوير ريادة الأعمال الاجتماعية في العالم.

استوحى درايتون فكرة مؤسسته من المهاتما غاندي ورحلته من أجل الحقوق المدنية، وقدم درايتون أحد أشهر تعريف عن ريادة الأعمال الاجتماعية، حيث قال: "رواد الأعمال الاجتماعيين لا يكتفون بإعطاء سمكة أو تعليم الآخرين طريقة الصيد، بل سيقدمون صورة في صناعة صيد الأسماك".

ومن هذه المقولة نفهم أن ريادة الأعمال الاجتماعية هي عملية يقوم بها الأفراد أو الشركات الناشئة أو رجال الأعمال لتطوير وتمويل الحلول التي يمكنها أن تعالج المشكلات الاجتماعية بشكل مباشر لإحداث تأثير إيجابي في المجتمع.

وتشمل ريادة الأعمال الاجتماعية مجموعة واسعة من المبادرات والأنشطة الاجتماعية التي يمكنها أن تخلق تأثيرًا إيجابيًا ومستدامًا على المجتمع وأفراده.

ولكن، قد يعتقد البعض أن أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية ليست ربحية، وهنا يظهر سوء فهم عام حول هذا القطاع، إذن فما الفرق بين ريادة الأعمال والريادة الاجتماعية؟

اقرأ أيضًا: ما هي سلبيات ريادة الأعمال وهل تتفوق على إيجابياتها؟

ما الفرق بين ريادة الأعمال والريادة الاجتماعية؟

هناك فروق جوهرية بين ريادة الأعمال التقليدية والريادة الاجتماعية، من حيث الأهداف والتأثير والاستراتيجية وقاعدة العملاء، إلا أن كلاهما يشتركان في السعي لتحقيق النجاح والابتكار، لكن جوهر الاختلاف يكمن في تعريف هذا النجاح، وإليك أهم الفريق بين ريادة الأعمال الاجتماعية والريادة التقليدية:

  • الغرض والأهداف

واحدة من أبرز الفروقات بين الريادة التقليدية والريادة الاجتماعية هو الغرض أو الهدف من المشروع. يسعى رواد الأعمال التقليديون إلى تحقيق الأرباح وتعزيز نجاحهم المالي من خلال تطوير مشروعات تجارية مربحة.

وفي المقابل، ينطلق رواد الأعمال الاجتماعيين من رؤية مختلفة تمامًا، حيث تحركهم رغبتهم في إحداث تغيير إيجابي وعلاج مشكلات مجتمعية وبيئية ملحة. لذا، فإن أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية لا تقتصر فقط على تحقيق مكاسب مالية، بل يتمحور حول خلق حلول مستدامة تترك أثرًا طويل الأمد على الأفراد والمجتمعات.

  • التأثير والابتكار

تعد الابتكارات محورًا مشتركًا بين كلا النوعين من ريادة الأعمال، لكن الاختلاف هنا يمكن في الدافع وراء تلك الابتكارات. في ريادة الأعمال التقليدية، يعتبر الابتكار وسيلة لجذب العملاء وتعزيز المبيعات، بينما في ريادة الأعمال الاجتماعية، يصبح الابتكار أداة لمعالجة القضايا البيئية والمجتمعية.

ولا يقتصر الأمر على تطوير منتجات أو خدمات جديدة، بل يتجاوز ذلك إلى ابتكار حلول مستدامة لإعادة تشكيل النظم الاجتماعية والبيئية.

  • التعاون والعلاقات الاستراتيجية

تعتمد ريادة الأعمال التقليدية على بناء علاقات استراتيجية لتعزيز الأرباح والعوائد المالية، لكن في ريادة الأعمال الاجتماعية، فإن التعاون لا يقتصر على معاملات تجارية فحسب، بل يشمل أصحاب مصلحة أوسع، مثل المنظمات غير الربحية، والهيئات الحكومية، والمجتمعات المحلية، وينظر لهذه الشراكات على أنها عنصر ضروري لضمان استدامة المبادرات وتأثيرها على المجتمع.

  • قياس النجاح

في ريادة الأعمال التقليدية يقاس النجاح بناء على مؤشرات مالية واضحة، مثل الحصة السوقية والعوائد والإيرادات. فليس من أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية تحقيق المكاسب المالية فحسب، بل يتجاوز النجاح المعايير المالية، ويشمل مقاييس أوسع وأكثر تعقيدًا، مثل التأثير المجتمعي، ومدى تحسين جودة الحياة، والاستدامة وغيرها.

  • التعامل مع المخاطر والفشل

بشكل عام، تتسم ريادة الأعمال بالعديد من المخاطر والتحديات، وفي حالة ريادة الأعمال التقليدية، تعتمد الأعمال بشكل رئيسي على تحليل للمخاطر ووضع استراتيجيات للحد من الخسائر المحتملة.

أما في ريادة الأعمال الاجتماعية، فإن المجازفة جزء لا يتجزأ من الرحلة، حيث يتطلب حل مشكلات مجتمعية معقدة، وهذا يعني مواجهة عقبات وتجارب غير مضمونة النتائج، وبالتالي احتمالية فشل أكبر، لكن ينظر إليها أنها فرصة للتعلم والتطوير لتعديل الاستراتيجيات لتحقيق الأهداف المجتمعية المرجوة.

  • قاعدة العملاء

يستهدف رواد الأعمال التقليديون شريحة أوسع من العملاء، حيث يسعون إلى توسيع نطاق المستهلكين من خلال استراتيجيات تسويقية متنوعة. وفي المقابل، تركز ريادة الأعمال الاجتماعية على فئات معينة غالبًا ما تكون مهمشة، ويسعون لتقديم حلول لتلبية احتياجاتهم، ما يجعل نطاق عملائه أضيق، ولكن تأثيره أعمق.

اقرأ أيضًا:  الريادة الاجتماعية مصيريّة لمستقبل المنطقة، لماذا؟

من هو الرائد المجتمعي؟

رواد الأعمال الاجتماعيين هم أشخاص يدركون الفرص لتلبية احتياجات مجتمعية لا تستطيع نظم الرعاية الاجتماعية الحكومية لتلبيتها، ويجمعون الموارد المطلوبة لتحقيقها لإحداث فرق في المجتمع.

يدرك رائد الأعمال الاجتماعي المشكلات الاجتماعية في بيئته، ويستخدم استراتيجيات ريادة الأعمال لمواجهة المخاطر وتقديم حلول لهذه المشكلات.

ما هي خصائص رائد الأعمال الاجتماعي؟

يتمتع رواد الأعمال الاجتماعيين بمجموعة من الخصائص التي تميزهم عن غيرهم، وهي كالتالي:

  • مبتكرون قادرين على تقديم حلول متنوعة للمشكلات المجتمعية.
  • قادرون على استغلال الفرص الجديدة بلا هوادة لخدمة المجتمع.
  • قادرون على المشاركة في عمليات الابتكار والتكيف والتعلم.
  • يملكون الجرأة في تنفيذ الأفكار، دون أن يكونوا مقيدين بالموارد المتاحة.
  • ملتزمون برؤيتهم للتغيير في المجتمع.
  • يملكون فهمًا عميقًا للمشكلات الاجتماعية، ويستخدمون مهارات ريادة الأعمال لإحداث تغيير في المجتمع.

وبعد أن ذكرنا تعريف ريادة الأعمال الاجتماعية، والفرق بينها وبين الريادة التقليدية، وأهم خصائص رائد الأعمال المجتمعي، يأتي وقت معرفة أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية.

اقرأ أيضًا: كيف تغير ريادة الأعمال حياة النساء.. امتلكي عملك الخاص الآن.

أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية

تنطوي ريادة الأعمال الاجتماعية على مجموعة من الأهداف التي تميزها عن غيرها من الأنواع الأخرى من ريادة الأعمال، ومن أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية التالي:

  • معالجة القضايا الاجتماعية والبيئية، وذلك من خلال تطوير حلول مستدامة للمشكلات المجتمعية، مثل الفقر، والتعليم، والرعاية الصحية.
  • إحداث تأثير اجتماعي إيجابي ومستدام، من خلال مبادرات متنوعة تعمل على تحسين حياة الأفراد والمجتمعات.
  • تقديم حلول اجتماعية مبتكرة لمواجهة التحديات الاجتماعية.
  • الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية، من خلال تلبية احتياجات المجتمع وتعزيز الصالح العام.
  • تحقيق الاستدامة المالية، لضمان استمرار المشروعات الاجتماعية ونموها مستقبلًا.
  • تحقيق التوازن بين العائد المالي والأثر المجتمعي من أجل استمرار المشروع دون الاعتماد على التبرعات فقط.
  • خلق تغيير دائم في المجتمع، فأحد أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية تقديم حلول دائمة، بدلًا من الحلول المؤقتة أو محدودة الأثر.

وبعد أن ذكرنا أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية، إليك بعض أمثلة على ريادة الأعمال الاجتماعية في العالم التي أحدثت فرقًا في المجتمعات.

اقرأ أيضًا: أفضل أفلام ريادة الأعمال - مبنية على قصة حقيقية

ما هي بعض الأمثلة على ريادة الأعمال الاجتماعية؟

من أهداف ريادة الأعمال الاجتماعي السعي لتقديم حلول لمشكلات في المجتمع، والتركيز على المجتمعات المحرومة بهدف تحسين جودة الحياة بطرق غير تقليدية، ومن بعض أمثلة مشروعات ريادة الأعمال الاجتماعية التالي:

  • توفير المياه العذبة في المجتمعات النائية

من أشهر مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعية حول العالم هو إنشاء آبار المياه العذبة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، وتنتشر تلك المشروعات بشكل كبير في الدول الأفريقية الفقيرة. فبدلًا من الاعتماد على المساعدات المؤقتة، يسعى رواد الأعمال الاجتماعيون إلى توفير حلول دائمة تتيح للسكان الوصول المستمر إلى مصدر نظيف للمياه.

  • توصيل الإنترنت للقرى والمناطق النائية

من أجل مساعدة الطلاب في هذه المناطق للوصول إلى مصادر تعليمية متنوعة، وهو ما يمنحهم فرصًا تعليمية توازي ما هو متاح في المدن الكبرى.

  • تمويل المشروعات الصغيرة

من خلال تقديم خدمات مصرفية للأفراد من ذوي الدخل المحدود أو العاطلين عن العمل الذين لا يستطيعون الوصول إلى القروض التقليدية من خلال توفير قروض صغيرة بشروط ميسرة.

  • برامج تعليم الأطفال الأيتام

مثل المبادرات التعليمية التي تستهدف الأطفال الذين فقدوا والديهم بسبب الكوارث أو الأوبئة، حيث توفر لهم فرصًا تعليمية متكاملة تضمن لهم مستقبل أفضل.

في الختام، لا تكمن أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية في تقديم حلول مجتمعية مبتكرة فحسب، بل تسعى إلى ضمان الاستدامة وتحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات، وهو ما يجعلها أداة قوية لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة