يعد الشاعر الإماراتي أحمد بن سلطان بن سليم من أعلام دبي والإمارات والوطن العربي، فهو من أبرز الشعراء الذين أثروا الساحة الأدبية في الخليج والوطن العربي بقصائد رائعة، كما أنه أحد المؤرخين للمنطقة الخليجية، وعُرف بأنه من أبرز المتنورين في الخليج بسبب سفراته إلى الخارج وقراءاته المتنوعة وعمله في الصحافة، في السطور التالية تعرف على مسيرته وحياته.
من هو أحمد بن سلطان بن سليم؟
أحمد بن سلطان بن أحمد بن سعيد بن مانع بن بطي بن سليم بالهول الفلاسي الياسي هو شاعر وأديب إماراتي ولد في إدارة دبي عام 1893، وينتمي إلى واحد من أعرق العائلات في إمارات دبي والمعروفة برجالها وأعلامها في مجالات مختلفة، أما عائلة والدته فهي تنتمي إلى أسرة الأشراف الهاشميين.
يعد بن سليم من أبرز الشخصيات في إمارة دبي، فهو شاعر من الطراز الفريد أثر الساحة الأدبية في الخليج بأعمال وقصائد مميزة، كما أنه عمل في مجال الصحافة وعُرف بأنه على اطلاع واسع بتاريخ المنطقة الخليجية والإمارات.
سافر أحمد إلى الهند وعاش فيها لسنوات وعمل صحفي وإذاعي، كما أنه من الشخصيات البارزة في تاريخ إمارة دبي، فقد تم تعيينه في أول مجلس بلدي استشاري في دبي والذي تأسس عام 1938.
اشتهر بن سليم بوطنيته ومواقفه الوطنية وكان من أشد الشعراء فخرًا بعروبته، وكان له دور كبير في بناء دولة الاتحاد، كما كان أحد السفراء بين حكام الإمارات قبل تأسيس الدولة.
مسيرته المهنية
كان أحمد بن سلطان بن سليم من أهم المستشارين في إمارة دبي، فبعد تأسيس أول مجلس استشاري في دبي برئاسة حاكم دبي الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم تم تعيينه أمينًا للسر ومقررًا لجلسات المجلس.
وخلال شغله هذا المنصب كان له دور فعال في الكثير من الأحداث التي مرت بها إمارة دبي في النصف الأول من القرن العشرين. بالإضافة إلى ذلك عمل بن سليم صحفيًا ومراسلًا لعدد من الصحف منها مجلة الشورى التي كانت تصدر من القاهرة عام 1924.
سافر بن سليم إلى الهند وهناك عمل مذيعًا في القسم العربي في إذاعة الهند، وكانت الإذاعة تبث حينها من مدينة دلهي، وقد ظل يعمل في هذه المهنة لمدة 9 سنوات تقريبًا تعرف خلالها على أهم أعلام الخليج في الهند وتعرف على الأدب الهندي والعالمي.
في عام 1947 عاد إلى إمارة دبي وتم تعيينه في إدارة جمارك دبي، من قبل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، عندما كان نائبًا لحاكم دبي في ذلك الوقت، وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته في عام 1973.
كان لابن سليم دور بارز في بناء دولة الاتحاد، فقد كان قريبًا من حكام الإمارات وعمل على تقريب وجهات النظر بينهما، وقد كان له دور بارز في السياسة في الإمارة.
في الخمسينيات كانت له العديد من المقالات المهمة، ولعل أبرزها مقالة كتبها حول عروبة الخليج في مجلة الشرق الأدنى والتي كانت تصدر من قبرص في هذا الوقت، وكانت هذه المقالة ردًا على مقالة نٌشرت شككت في عروبة الخليج.
أيضًا نشرت له عدة مقالات في مجلة الشباب، والتي كانت تصدر من القاهرة للأديب محمد علي الطاهر، ونشرت في هذه الجريدة عددًا من قصائده التي كتبها عندما كان في الهند.
مناصب سياسية شغلها
شغل أحمد بن سلطان بن سليم العديد من المناصب السياسية البارزة في إمارة دبي، فقد كان أول رئيس بلدية في إمارة دبي، وقد شغل هذا المنصب عام 1950.
عُين كذلك في منصب مدير عام الجمارك في دبي، وذلك في عام 1956، وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى السبعينيات. في عام 1971 ومع أول تشكيل وزاري في دولة الإمارات بعد التأسيس شغل بن سليم منصب وزير الدولة للشؤون المالية والاقتصادية، وفي عام 1973 شغل نفس المنصب في التشكيل الوزاري الثاني، وقد ظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته.
مسيرته الأدبية
تناقلت المصادر الأدبية القليل عن الشاعر أحمد بن سلطان بن سليم، وذلك بسبب تأخر حركة الطبع والنشر في الإمارات مقارنة بغيرها من دول الخليج، فقد تم تأسيس أول مطبعة في دبي عام 1958، واسمها مطبعة الرضوان.
وقد تناقلت عدة مصادر صحفية عن الشاعر بن سليم نقلًا عن ما ورده الأديب عبد الله الطائي في إذاعتي الكويت والبحرين، حينما تحدث عن تاريخ الأدب في المنطقة الخليجية.
برع بن سليم في كتابة الشعر الفصيح والشعر النبطي، وقد كان على علم واسع بعلم العروض وبحوره، وقد اشتهر بنقل أحداث المنطقة بشكل دقيق في أشعاره.
قصائد أحمد بن سلطان بن سليم
عُرف أحمد بن سلطان بن سليم بأنه من الشعراء التقليديين الذين ساروا على نهج الأقدمين في بناء القصيدة من حيث المضمون والمعاني والمقدمات واختيار الألفاظ كذكل، إلا أنه أدخل بعض التجديدات في شعره فيما يتعلق بالأغراض الشعرية، فقد عاصر شعره الأحداث في المجتمع وطالب بالتحرر والنهضة.
وفي شعره يميل بن سليم إلى أن يبدأ قصيدته الطويلة بذكر الديار، وقد يبدأ أشعاره أحيانًا بالغزل مثلما كان يفعل الأقدمين قبل أن يدخل إلى الغرض الرئيسية لقصيدته.
تنوعت الأغراض والمضامين الشعرية في أشعار بن سليم فقد تناول موضوعات مختلفة منها الفخر، والغربة القصائد الوطنية والمدح والنصح والإرشاد والغزل والسخرية والتهكم.
ومن أشعاره في الغزل قصيدته الشهيرة "هنا لك اختار البعاد"، ويقول فيها:
بأي فؤاد يا علية أذهب
وأي نعيم بعدكم أتطلب
وأي اصطبار عنكم أستطيعه
وأي اقتدار لي على ما أنكب
سئمت تكاليف النوى وتصادمت
همومي فمنزوح وثاو يؤنب
ومن أشعاره في المدح ما كتبه في مدح أحد أمراء عمان الأمير سليمان بن حمير فنجده يقول:
لولا سليمان الأمير المجتبى
ما كان عن هذا النوى أغناني
الظيغم القرم الهمام الحُوّل
الحامي حمى الأوطان والجيران
شبل الوغي وربيب أحضان العلى
وفتى الندى والعز والسلطان
شهم رقى أوج المعالي يافعا
فسما على الفرسان والأقران
ومن أشعاره التي ظهرت فيه حسه الوطني قصيدته التي كتبها عن فلسطين، فنجده يقول:
فلسطين أضحت عرضَ كلٍّ من انتمى
إلى الضاد أهلا للصيانة والستر
فلسطين أضحت مسبرَ العرب في العلا
وفي الدين والدنيا وفي المجد والفخر
يعزّ علينا ما تلاقي من الأذى
ومن عنت الأيام والمحن النكر
وموقفها من موتنا أو حياتنا
جلي القضايا بيننا واضح الأمر
وفاة أحمد بن سلطان بن سليم
توفي الشاعر أحمد بن سلطان بن سليم في 29 أكتوبر عام 1976 في الهند، وقد نُقل جثمانه من الهند إلى دبي حيث دفن فيها، وحضر جنازته كبار الشخصيات والمسؤولين في الإمارات، ودفن في مقابر القصيص في دبي.