أجمل القصائد العربية التي تم تلحينها وغناؤها

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الجمعة، 23 يوليو 2021
أجمل القصائد العربية التي تم تلحينها وغناؤها

عرف الفن العربي تطوراً كبيراً في عصره الحديث، حيث شهدت الأغنية عصراً ذهبياً منذ مطلع القرن العشرين، تمثل باجتماع كبار الملحنين، والشعراء، مع نجوم الغناء، ليقدموا بعضاً من أروع الأغنيات العربية، كما كان للقصيدة العربية الفصيحة دورها في صناعة الأغنية الحديثة، حيث لجأ البعض إلى تلحين قصائد قديمة، إضافة إلى تلحين القصائد الجديدة.

 

برز بعض الشعراء والمغنين كثنائيات معروفة

مع مطلع الثلاثينيات؛ شهدت الأغنية العربية نهوضاً ملحوظاً، استمر حتى بداية التسعينات، وكان لهذا النهوض أبطاله المعروفون، إنَّهم (عمالقة الزمن الجميل)، حسب ما اعتاد الناس تسميتهم، كما لجأ أولئك العمالقة إلى تلحين، وغناء القصيدة العربية، حيث برزت أسماء شعرية عديدة في هذا المجال، حتى أنًّ بعض الشعراء، ارتبط اسمهم باسم المغني الذي يغني قصائدهم، ليصبحوا ثنائية فنية لا تنفصل في أذهان المستمعين، على غرار الشاعر نزار قباني، والملحن والمغني كاظم الساهر، حيث أن قباني أعطى قصائده لكبار نجوم الفن، لكن تعاونه مع كاظم الساهر كان الأكثر رواجاً، وشهرة، كذلك الشاعر محمود درويش، والملحن والمغني مارسيل خليفة. سنستعرض معاً في هذه المادة، أبرز القصائد المغنَّاة من الشِعر العربي، من خلال التعرف على أبرز المغنيين الذين تميزوا بغناء القصائد العربية الفصيحة.

 

غنت أم كلثوم بعض أجمل القصائد القديمة، والحديثة

بمجرد أن تسمع اسم أم كلثوم، تدور في رأسكَ عشرات الأغاني الخالدة التي غنتها، حيث تعتبر أم كلثوم من ألمع نجوم العصر الذهبي، أو الزمن الجميل، حتى حازت لقب (كوكب الشرق)، كما تنوعت نوعية القصائد التي اختارتها أم كلثوم في موضوعاتها، بين القديم، والحديث.

رباعيات الخيام وأحمد رامي

عكف الشاعر المصري أحمد رامي (1892-1981) على دراسة رباعيات الخيام للشاعر الفارسي عمر الخيام (1048-1131)، ثم قام على ترجمتها من اللغة الفارسية، إلى العربية، حيث صدرت الطبعة الأولى في القاهرة عام 1923، ثم لحَّنها رياض السنباطي (1906-1981)، وغنتها أم كلثوم، وتعتبر ترجمة أحمد رامي لرباعيات الخيام، من أنجح ما نقل إلى العربية من لغات أخرى، نوردها كما غنتها أم كلثوم، مع اختلافات بسيطة عن الأصل، اقتضتها ضرورة اللحن:

سَمعتُ صَوتاً هاتِفاً في السَّحرْ نِادى مِن الغيبِ غفاةَ البشرْ

هُبّوا املأوا كاس المنى قبل أنْ تملأ كأسَ العمرِ كفُ القَدرْ

لا تَشغلِ البالَ بماضي الزَّمانْ ولا بآتِ العيشِ قَبلَ الأوانْ

واغنمْ مِن الحاضرِ لذَّاتهِ فَليسَ في طبعِ اللَّيالي الأمانْ

غدٌ بظهرِ الغيبِ واليومَ لي وكمْ يخيبُ الظنُ في المقبلِ

ولستُ بالغافلِ حتى أرى جَمالَ دنياي ولا أجتلى

القلبُ قد أضناهُ عِشقُ الجَمالْ والصدرُ قدْ ضاقَ بما لا يُقالْ

ياربُ هل يرضيكَ هذا الظَما والماءُ ينسابُ أمامي زلالْ

ثورة الشك للأمير عبد الله الفيصل

وهذه الأغنية، من كلمات الأمير الشاعر عبد الله الفيصل (1921-2007)، لحَّنها رياض السنباطي، كما تعتبر فريدة في موضوعها، وأسلوبها:

يُكذِّبُ فيك كلَّ الناسِ قلبي وتسمعُ فيك كلَّ الناسِ أُذني

وكمْ طافتْ عليَّ ظلالُ شكٍّ أقضَّتْ مضجِعي واستعبَدَتنِي

كأنّي طافَ بي رَكبُ الليالي يُحدِّثُ عَنكَ في الدُّنيا وعنِّي

على أنيّ أُغالطُ فيكَ سَمعِي وتُبصرُ فيكَ غَيرَ الشَكِّ عَينِي

وما أنا بالمُصدِّق فيكَ قولاً ولكنِّي شَقيتُ بحُسنِ ظنّي

أراكَ عصيَّ الدمع أبو فراس الحمداني

أما هذه، للشاعر أبي فراس الحمداني (توفي سنة 968)، لحَّنها عبده الحامولي، وغنتها أم كلثوم لاحقاً عام 1926:

أرَاكَ عَصِيَّ الدَّمعِ شِيمَتُكَ الصَّبرُ أما للهوى نَهيٌّ عَليكَ ولا أمرُ؟

بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعةٌ ولكنَّ مِثلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ !

إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ

تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَةُ والفِكْرُ

أصبح عندي الآن بندقية لنزار قباني

هذه القصيدة قام بتلحينها الموسيقار محمد عبد الوهاب (1902-1991)، وهي من كلمات الشاعر السوري نزار قباني:

أصبحَ عِندي الآنَ بندقية، إلى فلسطينَ خُذوني مَعكمْ

إلى رُبىً حزينة، كوجهِ المجدلية، إلى القِبابِ الخُضرِ، والحِجارة النبيَّة

عشرون عاماً وأنا أبحثُ عن أرضٍ وعن هوية، أبحثُ عن بيتي الَّذي هناك

عن وطني المُحاط بالأسلاك، أبحثُ عن طفولتي ،وعن رِفاقِ حَارتي

عن كُتبي، عن صُوري، عن كُلِّ رُكنِ دافئٍ، وكُلِّ مزهرية

أغداً ألقاك للهادي آدم

وتعتبر من أروع ما قيل في الاشتياق، كتبها الشاعر السوداني الهادي آدم، ضمن ديوان بعنوان كوخ الأشواق، ولحَّنها لأم كلثوم، الموسيقار محمد عبد الوهاب:

أنتَ يا جنَّةَ حُبِّي واشتياقِي وجُنوني أنتَ يا قِبلةَ روحي وانطِلاقي وشُجوني

أغداً تُشرق أضواؤكَ في لَيلِ عُيوني آهٍ مِن فَرحةِ أحلامي ومِن خَوفِ ظُنوني

كمْ أناديكَ وفي لَحني حنينٌ ودُعاء آهِ رجائي أنا كمْ عذَبَني طولُ الرَجاء

أنا لو لا أنتْ لمْ أحفلْ بمنْ راحَ وجَاء أنا أحيا لغدِ آنَ بأحلامِ اللِقاء

فأتِ أو لا تَأتي أو فافعلْ بِقَلبي مَا تَشاء

 

تمتلك فيروز أرشيفاً كبيراً من القصائد المغنَّاة

تمثل السيدة فيروز أيضاً قطباً من أقطاب الزمن الجميل، حيث شكلت مع زوجها عاصي الرحباني، وأخيه منصور، مدرسة فنية فريدة، قدموا من خلالها العديد من الأغاني، والأعمال المسرحية الغنائية، إضافة إلى تلحين، وكتابة العديد من القصائد باللغة العربية الفصحى، حيث تعتبر فيروز من أكثر المغنين غناءً للقصيدة العربية.

فيروز والشاعر سعيد عقل

غنَّت فيروز عدة قصائد من كلمات الشاعر اللبناني سعيد عقل، وألحان الأخوين رحباني، أبرزها قصيدة قرأت مجدك:

قرأتُ مجدَكِ في قلبي و في الكُتُـبِ شَـآمُ، ما المجدُ؟ أنتِ المجدُ لم يَغِبِ

إذا على بَـرَدَى حَـوْرٌ تأهَّل بي أحسسْتُ أعلامَكِ اختالتْ على الشّهُبِ

أيّـامَ عاصِمَةُ الدّنيا هُـنَا رَبطَـتْ بِـعَزمَتَي أُمَـويٍّ عَزْمَـةَ الحِقَـبِ

وقصيدة طالَتْ نَـوَىً

طالَتْ نَوَىً وَ بَكَـى مِن شَوْقِهِ الوَتَرُ خُذنِـي بِعَينَيكَ وَاهرُبْ أيُّـها القَمَرُ

لم يَبقَ في الليلِ إلا الصّوتُ مُرتَعِشاً إلا الحَـمَائِمُ، إلا الضَائِعُ الزَّهَرُ

لي فيكَ يا بَرَدَى عَهدٌ أعِيشُ بِه عُمري، وَيَسرِقُني مِن حُبِّهِ العُمرُ

عَهدٌ كآخرِ يومٍ في الخريفِ بكى وصاحِباكَ عليهِ الريحُ والـمَطَرُ

فيروز والسيد علي بدر الدين

كثير منا استمع إلى أغنية فيروز الشهيرة (أنا يا عصفورة الشجن)، أو أغنيها (لملمت ذكرى لقاء الأمسِ) لكن اسم الشاعر، بقي سرَّاً حتى استشهاده، هو السيد علي بدر الدين (1949-1980)، حيث طلب من الرحابنة عدم الإفصاح عن اسمه على خلفية مركزه الديني في لبنان، تقول قصيدة السيد بدر الدين:

أنا يا عُصفورةَ الشجنِ مِثلُ عَينيكِ بلا وطـنِ

بي كما بالطفل تسرقه أوّل الـلـيل يـد الوسن

واغتراب بي وبي فرحٌ كارتحال البحر بالسفن

راجعٌ من صوب أغنيةٍ يا زماناً ضاع في الزمـن

أنا يا عصفورة الشجن أنا عيناكِ هما ســــكني

فيروز وموشح ابن الخطيب

قدَّمت فيروز موشحاً أندلسياً شهيراً، للشاعر الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب، وحمل الموشح عنوان (جادكَ الغيث):

في ليالٍ كتمتْ سرَّ الهوى بالدُّجى لولا شُموسُ الغُرَرِ

مالِ نَجمُ الكَأسِ فيها وهوى مستقيم السيرِ سَعدَ الأثـرِ

وطرٌ ما فيهِ مِن عيبٍ سِوى أنَّه مَرَّ كلَمحِ البَصرِ

حين لَذَّ النومُ شَيئاً أو كما هَجمَ الصُبـحُ هُجومَ الحَرسِ

غَارتْ الشهبُ بنا أو ربما أثَّرتْ فينا عُيونُ النَرجسِ

 

قصائد غناها مارسيل خليفة

ارتبط اسم المغني اللبناني مارسيل خليفة، باسم الشاعر الفلسطيني محمود درويش، حيث غنى له الكثير من قصائده، كما أن مارسيل بدأ بتلحين قصائد درويش وغنائها، دون أن يستأذنه، ودون معرفة شخصية سابقة، لكن فيما بعد جمعتهما صداقة قوية، فأثرا بالموسيقى العربية بإنتاجهما، ومنه قصيدة ريتا:

بينِ ريتا وعيوني بُندقيهْ والَّذي يَعرفُ ريِتا ينحني، ويصلي لإلهٍ في العيون العَسليّةْ

وأنا قبَّلتُ ريتا عندما كانتْ صَغيره، وأنا أذكر كَيفَ التَصقتْ بي، وغطَّتْ ساعِدي أحلى ضَفيرةْ

وأنا أذكر ريتا؛ مثلما يَذكر عَصفورٌ غديره.

غنائية أحمد العربي

ليدينِ مِن حَجرٍ وزعتر هذا النشيد، لأحمد المنسيّ بين فراشتين

مضتْ الغيوم وشرَّدَتني، ورمتْ معاطِفها الجِبالُ وخَبَّأتني

نازلاً مِن نَحلة الجرحِ القَديمِ إلى تفاصيل البلاد، وكانتْ سنة انفصال البحر عن مدن الرماد

و كنت وحدي، ثمَّ وحدي، آهٍ يا وحدي؟ وأحمد كان اغتراب البحر بين رصاصتين

مخيَّماَ ينمو، ويُنجبُ زَعتراً و مُقاتِلين

 

قصائد غناها كاظم الساهر

غنى كاظم الساهر لعدد من الشعراء، لكن صوته ارتبط بشعر نزار قباني في أذهان المستمعين، حيث غنى عشرات القصائد لقباني، كما استكمل تلحين عدد منها، بعد وفاة الشاعر، ونذكر من القصائد، قصيدة مدرسة الحب:

علَّمني حُبُّكِ سيدتي أسوء عادات، علَّمني أفتحُ فِنجاني في الليلة آلاف المرات

وأجربُ طِبَ العَطارينَ، وأطرقُ بابَ العَرَّافات، علَّمني أخرجُ مِن بيتي، لأمشطَ أرصفةَ الطُرقات

وأطاردَ وجهكِ في الأمطارِ وفي أضَواءِ السَيارات، وألملمَ مِن عَينيكِ مَلايينَ النَجمات

يا امرأةً دوختْ الدُّنيا يا وَجعي يا وَجعَ النايات

القصيدة المتوحشة

أحبِّيني ولا تتساءلي كيفَ، ولا تتلعثمي خجلاً، ولا تتساقطي خوفَ

أحبِّيني بلا شكوى؛ أيشكو الغِمدُ إذ يَستقبلُ السَيفَ؟

وكوني البحرَ والميناء، كوني الأرض والمنفى، وكوني الصحوَ والإعصارَ ؛كوني اللينَ والعنفَ

أحبِّيني بألفٍ وألفِ أسلوب، ولا تتكرري كالصيف، إني أكره الصيفَ

أحبِّيني وقوليها، أرفضُ أن تحبِّيني بِلا صوتِ، وأرفضُ أنْ أواري الحُبَّ في قبرٍ مِن الصمتِ

أحبِّيني بعيداً عن بلادِ القهرِ والكَبتِ، بعيدً عن مدينتنا التي شَبعت من الموتِ

 

جاهدة وهبه غنَّت من شعر الروائية أحلام مستغانمي

هناكَ علاقةٌ وطيدة بين صوت جاهدة وهبه، والقصيدة العربية، حيث غنَّت مِن شِعر المتصوف ابن منصور الحلَّاج، كما غنَّت من رباعيات عمر الخيام، إضافة إلى عدة قصائد من شعر الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، منها ألبوم كامل، صدر مع رواية الكاتب (نسيان.com)، منه قصيدة أيها النسيان:

أيُّها النسيانُ، أعطِني يَدٌكَ، كي أسيرَ في مدنِ الذِكرى مَعك

نضِجَ الفراق، على الشِفاه أزهرت قُبلُ الوداعِ، لك قِطافي يا نِسيان

هَبني قُبلتك، يا واهبَ السلوان عارٍ مِن ذكِرى عمري

يا سيدَ الإيابِ تفرَّقَ الأحباب، مواربُ الأبوابِ قلبي

مِعطفي أنتَ إليكَ افتقاري، كُلُّ فراق وأنتَ انتظاري، نسياني يا نسياني

إذا هجرت للحلاَّج

إذا هجرتَ فمَنْ لي ومَن يَجمِّل كُلِّي ومَن لروحي وَراحِي يا أكثَري وأقلِّي

أَحَبَّـكَ البَعضُ مِنِّي فَقدْ ذَهبتَ بِكُلِّي يا كلَّ كلِّي فكُنْ لي إنْ لم تكن لي فمن لي

يا كُلَّ كُّلِّي وأهلي عنـدَ انقطاعي وذُلِّي ما لي سِوى الروحِ خُذها والروح جهد المُقلِّ

ختاماً... ما تزال هناك عشرات القصائد التي لم نأتي على ذكرها، كما أنَّ هنا من الشعراء من ضاق بهم مقامنا هذا، فلم نذكرهم، مثل كريم العراقي، وعز الدين المناصر، وابراهيم طوقان، إضافة إلى آخرين، شاركنا بذكرياتك عن القصائد المغنَّاة.

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة