أبو إسحاق الحويني.. الداعية المحدث أبرز الدعاة في مصر

داعية محدث، وتلميذ الشيخ الألباني، إنه الشيخ أبو إسحاق الحويني الذي يعد من أبرز  علماء الحديث والدعاة السلفيين في العصر الحديث، واشتهر بعلمه الواسع في الحديث النبوي وتحقيقه للعديد من الكتب التراثية، بالإضافة إلى أسلوبه الفريد في الخطابة والتعليم، وجهوده في نشر منهج أهل الحديث والدعوة إلى السُنة النبوية، وهو ما جعله من أهم الدعاة في مصر والوطن العربي، في السطور التالية تعرف على مسيرته وإنجازاته.

من هو أبو إسحاق الحويني؟

اسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف شريف، ويُكنى بأبي إسحاق الحويني، هو داعية وعالم حديث سُني مصري، ولد في 10 يونيو في عام 1956 في قرية حوين في محافظة كفر الشيخ في مصر.

ولد الشيخ الحويني في بيئة محافظة، وقد بدأ اهتمامه باللغة العربية والشعر في سن مبكرة، ثم وجّه اهتمامه إلى العلوم الشرعية، فكان شغوفًا بكتب الحديث والفقه، وهو ما دفعه للالتحاق بمجالس العلماء، والدراسة على يد الشيوخ الكبار.

تأثر الحويني بشيخ الحديث الألباني، ونهج طريقته في التمحيص والتحقيق، وأصبح من أبرز  علماء الحديث في العصر الحديث، وله العديد من المؤلفات والمحاضرات التي تتناول تصحيح الأحاديث ونقد الروايات، وساهم في نشر الفكر السلفي والدعوة إلى الكتاب والسنة.

استمر الشيخ الحويني عطائه العلمي والدعوي لسنوات من خلال المؤلفات والخطب والمحاضرات والندوات والبرامج التلفزيونية الدعوية، ليصبح علامة بارز يأتي الطلاب من حول العالم للتعلم منه.

نشأته وتعليمه

ولد الشيخ أبو إسحاق الحويني في قرية حوين في محافظة شرم الشيخ في أسرة بسيطة، وقد أطلق عليه والده اسم "حجازي" لأنه كان عائدًا من أداء فريضة الحج من بلاد الحجاز.

درس الشيخ الحويني في كلية الألسن قسم اللغة الإسبانية بجامعة عين شمس، وتخرج بتفوق، حيث كان الأول على دفعته، بعد التخرج سافر إلى إسبانيا في بعثة علمية، ومكث فيها شهرين فقط، ثم عاد إلى مصر، للتركيز على دراسة العلوم الشرعية.

سبب لقب أبو إسحاق الحويني

تكنّى الشيخ حجازي محمد يوسف شريف في بداية طلبه للعلم بلقب "أبي الفضل" وذلك بسبب تعلقه بالحافظ شهاب الدين أبو الفضل. ارتبط بعدها بالشيخ أبي إسحاق الشاطبي، الذي يعد من أهم علماء الأندلس، فقرر أن تصبح كنيته أبي إسحاق، ثم حصل على لقب "الحويني" نسبة إلى قريته حوين في محافظة كفر الشيخ.

كم مرة تزوج الشيخ الحويني؟

تزوج الشيخ أبو إسحاق الحويني 4 مرات، وهو من أكثر الداعين إلى تعدد الزوجات، وألقى عشرات المحاضرات والخطب عن تعدد الزوجات.

روى الشيخ الحويني عن قصة زواجه الثاني في أحد اللقاءات التلفزيونية، حيث أوضح بأنه قرر الزواج مرة ثانية للتأكيد على فكرة التعدد، ولكنه لم يتزوج إلا بعد تأكده من رضى زوجته الأولى بالقرار، كما أكّد بأن زوجته الأولى هي من اختارت له العروس.

لدى الشيخ الحويني عددًا من الأبناء والبنات من زوجاته الأربع، ومنهم همام، وحاتم، وهيثم، وشعبة، وصالح.

تحصيله العلوم الشرعية

بدأ الشيخ أبو إسحاق الحويني –رحمه الله- رحلته في العلوم الشرعية في سن مبكرة، وقد بدأ رحلته بدراسة اللغة العربية وآدابها، فقرأ عشرات القصص الأدبية للعديد من الأدباء، منهم مصطفى لطفي المنفلوطي، وجليل البنداري، ومصطفى صادق الرافعي، ويحيى حقي وغيرهم.

أقبل بعدها على الشعر، فقرأ للبارودي، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وقد أحب الحويني الشاعر البارودي كثيرًا، وأطلق عليه لقب "متنبي العصر".

تعلق بعدها بالعلم الشرعي، فقد تعلم القرآن على يد خاله عبد الحي زيان، كما أتقن القراءات العشر، ثم أقبل على دراسة علم الحديث الشريف وكتب السُنة، التي عكف على دراستها خلال المرحلة الجامعية، حيث بدأ بحضور محاضرات الشيخ عبدالحميد كشك، وعكف على دراسة كتب ومؤلفات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

خلال سنوات دراسته، كان الشيخ الحويني يعمل في بقالة في النهار، ويسهر ليلًا لمطالعة ودراسة كتب الشيخ الألباني، وكان في الوقت نفسه متفوقًا في كلية الألسن، والأول على قسم اللغة الإسبانية.

أحب الشيخ الحويني علوم الحديث بفضل مؤلفات الشيخ الألباني التي كانت لها فضل كبير في دفعه لقراءة ودراسة المزيد من كتب الحديث، وقد درس في مصر على يد العديد من الشيوخ، ومنهم الشيخ محمد نجيب المطيعي.

ماذا قال الألباني عن الشيخ الحويني؟

تأثر الشيخ أبو إسحاق الحويني بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني كثيرًا، وقرأ مؤلفاته في علوم الحديث، وقرر أن يتخصص في علوم الحديث. وللحويني رحلتان مشهورتنا للشيخ المحدث الألباني، الأولى كانت عام 1986، والثانية كانت في عام 1989 تقريبًا.

وفي هاتين الرحلتين، ألقى الشيخ الحويني عشرات المسائل على الشيخ الألباني في علوم الحديث، وقد قال الألباني إن الحويني سأل قرابة مئتي سؤال في علل الحديث فقط، كما كان له أسئلة أخرى في علوم الشريعة وموضوعات أخرى.

وقد أثنى الشيخ الألباني -رحمه الله- على الشيخ أبي إسحاق، وقال عنه: "صحً لك ما لم يصح لغيرك"، كما أثنى على كتابه "غوث المكدود".

شيوخ درس على أيديهم

درس الشيخ الألباني على يد عشرات الشيوخ في مصر والوطن العربي، ومن أبرز الشيوخ الذي درس على يديهم الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، وعبدالله بن قعود، وعبدالله بن جبرين، ومحمد نجيب المطيعي، وعبدالفتاح الجزار.

درس أيضًا على يد عدد من شيوخ الأزهر، ومنهم الشيخ شاهين لاشين، رئيس قسم الحديث في كلية أصول الدين جامعة الأزهر.

وقد أثنى عليه العديد من أهل العلم، ومنهم الشيخ عبدالعزيز الراجحي، والذي وصفه بأنه "شيخ محدث، ومن علماء الحديث".

مسيرته الدعوية ومؤلفاته

خلال مسيرته الدعوية، ألقى الشيخ الحويني مئات الدروس الدينية والخطب، وقد كان يلقي خطبتين جمعة في كل شهر، ومحاضرة كل يوم اثنين، وجميعها في مسجد ابن تيمية في مدينة كفر الشيخ.

كان للشيخ عدد من البرامج الدينية على قناة الندى والناس، ومنها برنامج "أصداف اللؤلؤ"، و"فضفضة". ألف الشيخ عشرات الكتب في الحديث والعلوم الشرعية، ولعل أبرزها تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد، وغوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود، وكتاب النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة، وكشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء، وغيرها.

ما هو مرض الشيخ الحويني؟

عانى الشيخ أبو إسحاق الحويني من أمراض عدة أثرت على صحته، ففي عام 2012، بترت ساقه بسبب مضاعفات مرض السكري. في فبراير 2025، تعرض لجلطة في المخ، ودخل على إثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج.

تدهورت حالة الشيخ الصحية فيما بعد، وانتشرت المناشدات على الإنترنت بالدعاء للشيخ بسبب مرضه. في 17 مارس 2025، الموافق 17 رمضان 1446، توفي الشيخ أبو إسحاق الحويني عن عمر 69 عامًا في العاصمة القطرية الدوحة، حيث كان يقيم منذ سنوات.

وقد أعلن عن وفاته ابنه حاتم الحويني عبر حسابه على فيسبوك، حيث كتب: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. مات أبي".

جنازة الشيخ أبو إسحاق الحويني

تمت الصلاة على الشيخ أبو إسحاق الحويني في اليوم التالي لوفاته في جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب في الدوحة، ودفن بمقبرة مسيمير. حضر جنازة الحويني المئات الذين حصروا على الصلاة عليه، وقد صلى عليه الشيخ أحمد عيسى المعصراوي شيخ عموم المقارئ المصرية السابق.